وَمنْ فَتَاوَى أَبِي العَبَّاسِ البُخَارِيِّ بِـ "حِمْصَ": سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَائَةَ قُرَاضًا، فَرَبِحَ سِتِّيْنَ، ثُمَّ أَخَذَ رَبُّ المَالِ مِنْهُ ثَمَانِيْنَ. ثُمَّ ثَمَانِيْنَ، ثُمَّ اتَّجَرَ المُضَارِبُ بِالبَاقِي، فَصَارَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَأَجَابَ: لَا يَجِبُ عَلَى المُضَارِبِ شَيْءٌ، بَلْ تَقَعَ الخَمْسَةَ عَشَرَ الَّتِي بَقِيَتْ بَدَلًا عَنْ نَصِيْبِهِ، وَذلِكَ لأَنَّ المُضَارِبَ كَانَ يَسْتَحِقُّ خَمْسَةَ عَشَرَ، ضَرُوْرَةَ أَنَّ الثَّلَاثِينَ مِنَ الَّذِي أَخَذَ هِيَ الرِّبْحُ، وَكَانَ المُضَارِبُ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ.
قُلْتُ: وَجْهُ هَذَا: أَنَّ رَبَّ المَالِ أَخَذَ نِصْفَ رَأْسِ المَالِ وَنِصْفَ الرِّبْحِ اسْتَحَقَّ العَامِلُ مِمَّا أَخَذَهُ مِنَ الرِّبْحِ، نِصْفَهُ، وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَهُوَ رُبْعُ الرِّبْحِ، وَبَقِيَ رَأْسُ المَالِ فِي يَدِ المُضَارِبِ خَمْسُوْنَ، والثَّلَاثُوْنَ الزَّائِدَةَ رِبْحٌ، فَلَمَّا اتَّجَرَ فِيْهِ العَامِلُ وَخَسِرَ: جَبَرَ رَأْسَ المَالِ البَاقِي فِي يَدِهِ بِرِبْحِهِ، وَلَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنْ رِبْحِهِ، وَبَقِيَ لَهُ عَلَى رَبِّ المَالِ نَصِيْبُهُ مِمَّا أَخَذَهُ مِنَ الرِّبْحِ، وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ؛ إِذْ هِيَ نِصْفُ مَا أَخَذَهُ مِنَ الرِّبْحِ، فَيَسْتَحِقُّهَا
= أَبُو القَاسِمِ البَغْدَادِيُّ، العَتَّابِيُّ، الوَرَّاقُ. تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُ أَخِيْهِ أَحْمَدَ (ت: ٦١٣ هـ) قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيُّ: وَهُمْ نُسَبَاءُ أَبِي العَبَّاسِ بْنِ الطَّلَّايَةِ" وَفِي "المُخْتَصَرِ المُحْتَاجِ إِلَيهِ" أَنَّ ابْنَ الطَّلَّايَةِ كَانَ خَالَ أَبِيْهِمَا" وَابْنُ الطَّلَّايَةِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ الحَرْبِيُّ (ت: ٥٤٨ هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. قَالَ الحَافِظُ المُنْذِرِيِّ: "وَكَانَ أَبُوْهُ وَجَدُّهُ أُمَنَاءَ القُضَاةِ بِمَحِلَّتِهِمْ". وَجَدُّهُ أَبُو القَاسِمِ المُبَارَكُ بْنُ عَلِيِّ العَتَّابِيُّ، سَمِعَ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَحَدَّثَ" (ت: ٥٣١ هـ). وَلَمْ أَجْزِمْ بِأَنَّهُ حَنْبَلِيٌّ؛ لِذَا لَمْ أسْتَدْرِكْهُ فِي مَوْضِعِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute