للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عِنْدَ عَزْلِهِ:

حَمِدْتُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا … قَضَى لِي بالخَلَاصِ مِنَ القَضَاءِ

وللمُسْتَنْصِرِ (١) المَنْصُوْرِ أَشْكُرْ … وَأَدْعُو فَوْقَ مُعْتَادِ الدُّعَاءِ

وَلَا أَعْلَمَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِنَا دُعِيَ بِـ "قَاضِي القُضَاةِ" قَبْلَهُ، وَلَا اسْتَقَلَّ مِنْهُمْ بِوِلَايَةِ قَضَاءِ القُضَاةِ بِمِصْرٍ غَيْرَهُ. وَأَقَامَ بَعْدَ عَزْلِهِ بِمَدْرَسَتِهِمْ يُدَرِّسُ وَيُفْتِي، وَيَحْضُرُ المَجَالِسَ الكِبَارَ وَالمحَافِلَ. ثُمَّ فَوَّضَ إِلَيْهِ المُسْتَنْصِرُ رِبَاطًا بَنَاهُ بِـ "دَيْرِ الرُّوْمِ" (٢) وَجَعَلهُ شَيْخًا بِهِ. وَكَانَ يُعَظِّمُهُ وَيُجِلُّهُ، وَيَبْعَثُ إِلَيْهِ أَمْوَالًا جَزِيْلَةً لِيُفَرِّقَهَا. وَقَدْ صَنَّفَ فِي الفِقْهِ كِتَابًا سَمَّاهُ "إِرْشَادَ المُبْتَدِئِيْنَ" وَأَمْلَى "مَجَالِسَ فِي الحَدِيْثِ" وَخَرَّجَ لِنَفْسِهِ "أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثًا" (٣). أَثْنَى عَلَيْهِ الحَافِظُ الضِّيَاءُ، وَوَصَفَهُ بِالخَيْرِ (٤)، وَتَفَقَّهَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ، وَانْتَفَعُوا بِهِ. وَفِيْهِ يقُوْلُ


= دَارِهِ فَنُفِّذَ إِلَيَّ".
(١) في (ط): "وَلِلمُتنصر" خَطأُ طبَاعَةٍ.
(٢) "الحَوَادِثُ الجَامِعَةُ"، وَانْظُر هَامِشِ الكِتَابِ المَذْكُوْرِ فَفِيْهِ فَوَائِدُ.
(٣) في "تَارِيْخِ الإِسْلامِ": "جَمَعَ لِنَفْسِهِ "أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثًا" سَمِعْنَاهَا مِنَ الأَبْرَقُوْهِيِّ، وَدَرَّسَ بِمَدْرَسَةِ جَدِّهِ، وَبِـ "الشَّاطِئِيَّةِ" وَتَكَلَّمَ فِي الوَعْظِ، وَأَلَّفَ فِي التَّصَوُّفِ .. ".
(٤) جَاءَ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلَامِ" سُئِلَ الضِّيَاءُ عَنْهُ فَقَالَ: فَقِيْهٌ، خَيِّرٌ، كَرِيْمُ النَّفْسِ، وَنَالَتْهُ مِحْنَةٌ، فَإِنَّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ صَامُوا بِـ "بَغْدَادَ" رَمَضَانَ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ، ثُمَّ ثَانِي لَيْلَةٍ رُقِبَ الهِلَالُ فَلَمْ يُرَ، وَلَاحَ خَطَأُ الشُّهُوْدِ، وَأَفْطَرَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي صَالِحِ، فَأَمْسَكُوا سِتَّةً مِنْ أَعْيَانِهِمْ فَاعْتَرَفُوا، فَعُزِّرُوا بِالدُّرَّةِ، وَحُبِسُوا، ثُمَّ أُخِذَ الَّذِيْنَ شَهِدُوا فَحُبِسُوا، وَضُرِبَ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسِيْنَ، ثُمَّ إِنَّ قَاضِي "المُحَوَّلِ" أَفْطَرَ بَعْدَ الثَّلَاثِيْنَ علَى حِسَابِ مَا شَهِدُوا، فَضُرِبَ وَطِيْفَ بِهِ، وَاحْتَمَى أَبُو صَالِحٍ بِـ "الرُّصَافَةِ" فِي بَيْتِ حَائِكٍ، وَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ =