للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَبَلَدِهِ "حَرَّانَ" وَصَنَّفَ، وَدَرَّسَ، وَكَانَ مِنْ أَعْيَانِ العُلَمَاءِ، وَأَكَابِرِ الفُضَلَاءِ بِبَلَدِهِ، وَبَيْتُهُ مَشْهُوْرٌ بِالعِلْمِ، وَالدِّيْنِ، وَالحَدِيْثِ.

قَالَ الذَّهَبِيُّ أَيْضًا: حَكَى البُرْهَانُ المَرَاغِيُّ (١): أَنّهُ اجْتَمَعَ بِالشَّيْخِ المَجْدِ، فَأَوْرَدَ نُكْتَةً عَلَيْهِ، فَقَالَ المَجْدُ: الجَوَابُ عَنْهَا مِنْ سِتِّيْنَ وَجْهًا، الأوَّلُ: كَذَا وَالثَّانِي: كَذَا، وَسَرَدَهَا إِلَى آخِرِهَا، ثُمَّ قَالَ لِلْبُرْهَانِ: قَدْ رَضِيْنَا مِنْكَ بِإِعَادَةِ الأجْوِبَةِ، فَخَضَعَ وَانْبَهَرَ.

قَالَ الذَّهَبِيُّ الحَافِظُ: كَانَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّيْنِ مَعْدُوْمَ النَّظِيْرِ فِي زَمَانِهِ، رَأْسًا فِي الفِقْهِ وَأُصُولهِ، بَارِعًا فِي الحَدِيْثِ وَمَعَانِيْهِ، لَهُ اليَدُ الطُّوْلَى فِي مَعْرِفَةِ القُرْآنِ وَالتَّفْسِيْرِ، وَصَنَّفَ التَّصَانِيْفَ، وَاشْتُهِرَ اسْمُهُ، وَبَعُدَ صِيْتُهُ، وَكَانَ فَرْدَ زَمَانِهِ فِي مَعْرِفَةِ المَذْهَبِ، مُفْرِطَ الذَّكَاءِ، مَتِيْنَ الدِّيَانَةِ، كَبِيْرَ الشَّأْنِ.

قَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ القَيِّمِ: حَدَّثَنِي -أَخُو شَيْخِنَا- عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ عَبْدِ الحَلِيْمِ بْنِ تَيْمِيَّةَ -قُلْتُ: وَقَدْ أَجَازني عَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا عَنْ أَبيْهِ (٢) - قَالَ: كَانَ الجَدُّ إِذَا دَخَلَ الخَلاءَ يَقُوْلُ لِي: اقْرَأْ فِي هَذَا الكِتَابِ، وَارْفَعْ صَوْتَكَ حَتَّى أَسْمَعَ.

قلْتُ: يُشِيْرُ بِذلِكَ إِلَى قُوَّةِ حِرْصِهِ علَى العِلْمِ وَحُصُوْلِهِ، وَحِفْظِهِ لأوْقَاتِهِ. وَلِلْصَّرْصَرِيِّ مِنْ قَصِيْدَتِهِ اللَّامِيَّةِ فِي مَدْحِ الإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ (٣).


(١) في "تَارِيْخِ الإسْلامِ": "حَكَى المَرَاغي".
(٢) معَ أَنَّ عَبْد الرَّحْمَنِ هَذَا شَيْخُهُ، وَقَدْ تُوُفِّي سَنَة (٧٤٧ هـ) لَمْ يَذْكُرْهُ فِي مَوْضِعِهِ سَيَأْتِي اسْتِدْرَاكُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(٣) دِيْوَانُ الصَّرْصَرِيِّ (٤٦١).