أَنْهَيْتُهُ مِنْ حُضُوْرِ ابنِ العَمِّ - كَثَّرَ اللهُ فِي الأَوْلِيَاءِ مِثْلَهُ - وَحُضُوْرِ مَنْ حَضَرَ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، وَالحَمْدُ للهِ الَّذِي جَمَعَ الكَلِمَةَ، وَضَمَّ الأُلْفَةَ، فَلْيُؤْذَنْ لِلْجَمَاعَةِ فِي الانْصِرَافِ، وَلْيُقَلْ لابنِ أَبي مُوْسَى: إِنَّهُ قَدْ أُفْرِدَ لَهُ مَوْضِعٌ قَرِيْبٌ مِنَ الخِدْمَةِ لِيُرَاجَعَ فِي كَثِيْرٍ مِنَ الأُمُوْرِ المُهِمَّةِ، وَلِيُتَبَرَّكَ بِمَكَانِهِ، فَلَمَّا سَمِعَ الشَّرِيْفُ هَذَا قَالَ: فَعَلْتُمُوْهَا، فَحُمِلَ إِلَى مَوْضِعٍ أُفْرِدَ لَهُ بِدَارِ الخِلَافَةِ، وَكانَ النَّاسُ يَدْخُلُوْنَ عَلَيْهِ مُدَّةً مَدِيْدَةً، ثُمَّ قِيْلَ لَهُ: قَدْ كَثُرَ اسْتِطْرَاقُ النَّاسِ دَارَ الخِلَافَةِ، فَاقْتَصِرْ عَلَى مَنْ تُعَيِّنُ دُخُوْلَهُ، فَقَالَ: مَالِي غَرَضٌ فِي دُخُوْلِ أَحَدٍ عَلَيَّ، فَامْتَنَعَ النَّاسُ.
ثُمَّ إِنَّ الشَّرِيْفَ مَرِضَ مَرَضًا أَثَّرَ فِي رِجْلَيْهِ فَانْتَفَخَتَا. فَيُقَالُ: إِنَّ بَعْضَ المُتَفَقِّهَةِ (١) مِنَ الأَعْدَاءِ تَرَكَهُ فِي مَدَاسِهِ سُمًّا، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ثُمَّ إِنَّ أَبَا نَصْرِ بنَ القُشَيْرِيِّ أُخْرِجَ مِنْ "بَغْدَادَ" وَأُمِرَ بِمُلَازَمَةِ بَلَدِهِ لِقَطْعِ الفِتْنَةِ. وَذلِكَ نَفْيٌ فِي الحَقِيْقَةِ.
قَالَ ابنُ النَّجَّارِ كُوْتِبَ نِظَامُ المُلْكِ الوَزِيْرُ بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِالرُّجُوعِ إِلَى وَطَنِهِ، وَقَطْعِ هَذِهِ الثَّائِرَةِ، فَبَعَثَ وَاسْتَحْضَرَهُ، وَأَمَرَهُ بِلُزُوْمِ وَطَنِهِ، فَأقَامَ بِهِ إِلَى حِيْنِ وَفَاتِهِ. قَالَ القَاضِي أَبُو الحُسَيْنِ: أُخِذَ الشَّرِيْفُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي فِتْنَةِ أَبي نَصْرِ بنِ القُشَيْرِيِّ، وَحُبِسَ أَيَّامًا، فَسَرَدَ الصَّوْمَ وَمَا أَكَلَ لِأَحَدٍ شَيْئًا، قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَرَأَيْتُهُ يَقْرَأُ فِي المُصْحَفِ، فَقَالَ
(١) كَذَا فِي الأصُوْلِ، وَلَعلَّهَا: "المُبْتَدِعَة" كَمَا جَاءَ صَرَاحَةً فِيْمَا بَعْدُ. وَهكَذَا جَاءَتْ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي كَلَامِ المُؤَلِّفِ الآتِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute