للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لِي: قَالَ اللهُ تَعَالَى (١): {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} تَدْرِي مَا الصَّبْرُ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: هُوَ الصَّوْمُ، وَلَمْ يُفْطِرْ إِلَى أنْ بَلَغَ مِنْهُ المَرَضُ، وَضَجَّ النَّاسُ مِنْ حَبْسِهِ. وَأُخْرِجَ إِلَى الحَرِيْمِ الطَّاهِرِيِّ (٢) بالجَانِبِ الغَرْبِيِّ فَمَاتَ هُنَاكَ. وَذَكَرَ ابنُ الجَوْزِيِّ: أَنَّهُ لَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُهُ، تَحَامَلَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَمَضَى إِلَى بَابِ الحُجْرَةِ فَقَالَ: جَاءَ المَوْتُ، وَدَنَا الوَقْتُ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَمُوْتَ إلَّا فِي بَيْتِي بَيْنَ أَهْلِي، فَأُذِنَ لَهُ، فَمَضَى إِلَى بَيْتِ أُخْتِهِ بـ "الحَرِيْمِ" قَالَ: وَقَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي عَلِيِّ بنِ البَنَّاءِ، قَالَ: جَاءَتْ رُقْعَةٌ بِخَطِّ الشَّرِيْفُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَوَصِيَّتُهُ إلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ جَرْدَةَ فَكَتَبَها، وَهَذِهِ نُسْخَتُهَا: "مَالِي - يَشْهَدُ اللهُ - سِوَى الحَبْلِ وَالدَّلْوِ، وَشَيْءٍ يَخْفَى عَلَيَّ لَا قَدْرَ لَهُ، وَالشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللهِ، إِنْ رَاعَاكُمْ بَعْدِي، وَإِلَّا فاللهُ لَكُمْ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ (٣): {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ} وَمَذْهَبِي الكِتَابُ، وَالسُّنَّةِ، وَإِجْمَاعِ الأُمَّةِ، وَمَا عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَغَيْرُهُم مِمَّن يَكْثُرُ ذِكْرُهُمْ، وَالصَّلَاةُ: بِجَامِعِ المَنْصُوْرِ إِنْ سَهَّلَ اللهُ تَعَالَى ذلِكَ عَلَيْهِمْ،


(١) سُوْرَةُ البَقَرَةِ، الآيَة: ٤٥.
(٢) قَالَ يَاقُوْتٌ فِي "مُعْجَمِ البُلْدَانِ" (٢/ ٢٨٩): "الحَرِيْمُ الطَّاهِرِيُّ بِأَعْلَى مَدِيْنَة السَّلام "بَغْدادَ" فِي الجَانِبِ الغَرْبيِّ مَنْسُوبٌ إِلَى طَاهِرِ بنِ الحُسَيْنِ بنِ مُصْعَبِ بنِ زُرَيْقٍ، وَبِهِ كَانَت مَنَازِلُهُم، وَكَانَ مَن لَجَأَ إِلَيْهِ أَمِنَ؛ فَلِذلِكَ سُمِّيَ الحَرِيْم، وَكَانَ أَوَّلُ مَنْ جَعَلَهَا حَرِيْمًا عَبْدُ اللهِ بنُ طَاهِرِ بنِ حُسَيْنٍ، وَكَانَ عَظِيْمًا فِي دَوْلَةِ بَنِي العَبَّاسِ، وَلَا أَعْلَمَ أَحَدًا بَلَغَ مَبْلَغَهُ فِيْهَا حَدِيْثًا وَلَا قَدِيْمًا. . .".
(٣) سُوْرَةُ النِّسَاءِ، الآية: ٩.