للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البَغْدَادِيُّ، الأدِيبُ، مُوَفَّقُ الدِّينِ أَبُو مُحَمَّدٍ.

قَالَ ابْنُ السَّاعِي: كَانَ إِمَامًا، ثِقَةً، أَدِيْبًا، فَاضِلًا، حَافِظًا لِلْقُرْآنِ، قَيِّمًا بِعِلْمِ العَرَبِيَّةِ، وَاللُّغَةِ، وَالنُّجُوْمِ، كَاتِبًا، شَاعِرًا، صَاحِبَ أَمْثَالٍ، وَكَانَ فَقِيْرًا، ذَا عِيَالٍ، وَلَمْ يُوَافِقْ نَفْسَهُ علَى خِيَانَةٍ، وَلِيَ كِتَابَةَ دِيْوَانِ العَرْضِ.

قُتِلَ صَبْرًا فِي الوَاقِعَةِ بِـ"بَغْدَادَ" سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَقَدْ بَلَغَ سِتِّينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.

سَمِعْتُ أَبَا العَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ القَاهِرِ بْنِ الفُوَطِيِّ (١) بِـ"بَغْدَادَ" سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ، أَوْ سَنَةَ تِسْعٍ يَقُوْلُ -وَكَتَبَهُ لَنَا بِخَطِّهِ- لَمَّا تُوُفِّيَ العَلَّامَةُ أَبُو الفَضَائِلِ الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّغَانِيُّ اللُّغَوِيُّ بِـ"بَغْدَادَ" رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَوْصَى أَنْ يُحْمَلَ إِلَى "مَكَّةَ" لِيُدْفَنَ بِهَا، فَلَمَّا حُمِلَ عَمِلَ جَدِّي مُوَفَّقُ الدِّيْنِ عَبْدُ القَاهِرِ بْنُ الفُوَطِيِّ فِيْهِ ارْتِجَالًا -وَكَانَ مِمَّنْ قَرَأَ عَلَيْهِ الأدَبَ- (٢).

أَقُوْلُ وَالشَّمْلُ فِي ذَيْلِ النَّأى عِثْرًا … يَوْمَ الوِدَاعِ وَدَمْعُ العَيْنِ قَدْ كَثُرَا

أَبَا الفَضَائِلِ قَدْ زَوَّدْتَنِي أَسَفًا … أَضْعَافَ مَازِدْتَ قَدْرِي فِي الوَرَى أثرًا

قَدْ كُنْتَ تُوْدِعُ سَمْعِي الدُّرَ مُنْتَظِمًا … فَخُذْهُ مِنْ جَفْنِ عَيْني اليَوَمَ مُنْتَثِرًا


(١) حَفيْدُهُ هَذَا مِنْ شُيُوخِ المُؤَلِّفِ وَشُيُوْخِ أَبِيْهِ شِهَابِ الدِّيْنِ بنِ رَجَبٍ، كَمَا فِي مُعْجَمِهِ "المُنْتَقَى"، الشَّيْخُ رقم (١٢٢)، تُوُفِّيَ سَنَةَ (٧٥٠ هـ) نَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الاِسْتِدْرَاكِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
(٢) البَيْتُ الأخِيْرُ مَأْخُوْذٌ مِنْ قَوْلِ الزَّمَخْشَرِيِّ فِي رِثَاءِ شَيْخِهِ أَبِي مُضَرٍ الضَّبِّيِّ:
وَقَائِلَةٍ مَا هَذِهِ الدُّرَرُ الَّتِي … تُسَاقِطُهَا عَيْنَاكَ سِمْطَيْنِ سِمْطَيْنِ
فَقُلْتُ هُوَ الدُّرُّ الّذِي قَدْ حَشَابِهِ … أَبُو مُضَرٍ أُذْنِي تَسَاقَطَ مِنْ عَيْني