للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَبَهَاءٍ، وَالإِجَازَةُ كَانَتْ عِنْدَهُ قَوِيَّةٌ، وَلَهُ تَصَانِيْفٌ كَثِيْرَةٌ، وَرُدُوْدٌ جَمَّةٌ عَلَى المُبْتَدِعِيْنَ وَالمُنْحَرِفِيْنَ فِي الصِّفَاتِ وَغَيْرِهَا، قَالَ: وَكَانَ جَذَعًا فِي أَعْيُنِ المُخَالِفِيْنَ، لَا يَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَوَصْفُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَى. وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَنْدَه (١): كَانَ عَمِّي سَيْفًا عَلَى أَهْلِ البِدَعِ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ مِثْلِي، كَانَ - وَاللهِ - آمِرًا بِالمَعْرُوْفِ، نَاهِيًا عَنِ المُنْكَرِ، وَفِي الغُدُوِّ وَالآصَالِ ذَاكِرًا، وَلِنَفْسِهِ فِي المَصَالِحِ قَاهِرًا، أَعْقَبَ اللهُ مَنْ ذَكَرَهُ بِالشَّرِّ النَّدَامَةِ. وَكَانَ عَظِيْمَ الحِلْمِ، كَثِيْرَ العِلْمِ، قَرَأْتُ عَلَيْهِ قَوْلَ شُعْبَةَ "مَنْ كَتَبْتُ عَنْهُ حَدِيْثًا فَأَنَا لَهُ عَبْدٌ" فَقَالَ: "مَنْ كَتَبَ عَنِّي حَدِيْثًا فَأَنَا لَهُ عَبْدٌ".

قُلْتُ: قَدْ ذُكِرَ عَنْ شَيْخِ الإِسْلَامِ الأنْصَارِيِّ (٢) أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ مَضَرَّتُهُ فِي الإِسْلَامِ أَكْثَرَ مِنْ مَنْفَعَتِهِ. وَعَنْ إِسْمَاعِيْلَ التَّيْمِيِّ (٣) أَنَّهُ قَالُ: خَالَفَ أَبَاهُ فِي مَسَائِلَ، وَأَعْرَضَ عَنْهُ مَشَايِخُ الوَقْتِ، وَمَا تَرَكَنِي أَبِي أَسْمَعُ مِنْهُ. وَكَانَ


(١) هو يَحْيَى بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَقَ (ت: ٥١١ هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ. وَالخَبَرُ في "تَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ".
(٢) في "تَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ": "قَالَ المُؤَيَّدُ بنُ الإِخْوَةِ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيَّ يَقُوْلُ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَنْدَه. . .".
(٣) هُوَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ، أَبُو القَاسِمِ، قَوَامُ السُّنَّةِ الأَصْفَهَانِيُّ التَّيْمِيُّ (ت: ٥٣٥ هـ). أَخْبَارُهُ في: الأَنْسَابِ (٣/ ٣٦٨)، وَالمُنْتَظَمِ (١٠/ ٩)، وَسِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ (٢٠/ ٨٠)، وَطَبَقَاتِ المُفَسِّرِيْنِ (١/ ١١٢)، وَشَذَرَاتِ الذَّهَبِ (٤/ ١٠٥).
قَالَ في "تَذْكِرَةِ الحُفَّاظِ": "سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الفَضْلِ يَقُوْلُ - وَسَأَلْتُهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بنِ مَنْدَه -: فتَوَقَّفَ سَاعَةً، فَرَاجَعْتُهُ فَقَالَ: سَمِعَ الكَثِيْرَ، وَخَالَفَ .. ".