للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شَيْخُ الحَنَابِلةِ، بَلْ شَيْخُ الإِسْلَامِ، وَفَقِيْهُ "الشَّامِ"، وَقُدْوَةُ العُبَّادِ، وَفَرِيْدُ وَقْتِهِ، مَنْ اجْتَمَعَتِ الألْسُنُ عَلَى مَدْحِهِ وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ، حَدَّثَ نَحْوًا مِنْ سِتِّيْنَ سَنَةً، وَكَتَبَ عَنْهُ أَبُو الفَتْحِ بْنُ الحَاجِبُ. وَقَالَ: سَأَلْتُ عَنْهُ الحَافِظَ مُحَمَّدَ ابْنَ عَبْدِ الوَاحِدِ -يَعْنِي الضِّيَاءَ- فَقَالَ: إِمَامٌ، عالِمٌ، خَيِّرٌ، دَيِّنٌ.

قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَكَانَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّيْنِ -يَعْنِي النَّوَوِيَّ- يَقُوْلُ: هَذَا أَجَلُّ شُيُوْخِي. وَأَوَّلُ مَا وَلِيَ مَشْيَخَةَ "دَارِ الحَدِيْثِ" سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، حَدَّثَ عَنْهُ بِهَا فِي حَيَاتِهِ.

قُلْتُ: وَرَوَى عَنْهُ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّيْنِ فِي كِتَابِ "الرُّخْصَةِ فِي القِيَامِ" لَهُ. وَقَالَ: (أَنَا) الشَّيخُ، الإمَامُ العَالِمُ، المُتَّفِقُ علَى إِمَامَتِهِ وَفَضْلِهِ وَجَلَالَتِهِ، الفَقِيْهُ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الشَّيْخِ الإِمَامِ العَالِمِ، العَامِلِ، الزَّاهِدِ أَبِي عَمُرَ المَقْدِسِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا الشَّيْخُ زَينُ الدِّيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ وَأَسْنَدُ. وَذَكَرَهُ فِي "تَارِيْخِهِ الكَبِيْرِ"، وَأَطَالَ تَرْجَمَتَهُ، وَذَكَرَ فَضَائِلَهُ، وَعِبَادَتَهُ، وَأَوْرَادَهُ، وَكَرَمَهُ، وَنَفْعَهُ العَامَّ، وَأَنَّهُ حَجَّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَكَانَ آخِرُهَا: قَدْ رَأَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - في المَنَامِ يَطْلُبُهُ، فَحَجَّ ذلِكَ العَامِ. وَحَضَرَ الفُتُوْحَاتِ، وَأَنَّهُ كَانَ رَقِيْقَ القَلْبِ، سَرِيْعَ الدَّمْعَةِ، كرِيْمَ النَّفْسِ، كَثيْرَ الذِّكْرِ للهِ، وَالقِيَام بِاللَّيْل، مُحَافظًا على صَلَاةِ الضُّحَى، وَيُصَلِّي بَيْنَ العِشَاءَيْنِ مَا تَيَسَّرَ، وَيُؤثِرُ بِمَا يَأتِيْهِ مِنْ صِلَةِ المُلُوْكِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَانَ مُتَوَاضِعًا عِنْدَ العَامَّةِ، مُتَرَفِّعًا عِنْدَ المُلُوْكِ، وَكَانَ مَجْلِسُهُ عَامِرًا بِالفُقَهَاءِ وَالمُحَدِّثِيْنَ وَأَهْلِ الدِّيْنِ، وَأَوْقَعَ اللّهُ