الحَدِيْثِ الأشْرَفِيَّةِ" بالسَّفْحِ، وَكَانَ لِلطَّلَبَةَ عَلَيْهِ مَوَاعِيْدُ يُعَلِّمُهُمْ فِيْهَا قِرَاءَةَ الحَدِيْثِ وَيُفِيْدُهُمْ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ الغَلَطَ. انْتَفَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ.
قَالَ الذَّهَبِيُّ: كَانَ إِمَامًا، فَقِيْهًا، مُحَدِّثًا زَاهِدًا عَابِدًا، كَثيْرَ الخَيْرِ، لَهُ قَدَمٌ رَاسِخٌ فِي التَّقْوى، وَوَقْعٌ فِي النُّفُوْسِ.
وَقَالَ اليُوْنِيْنِيُّ: كَانَ صَالِحًا زَاهِدًا، عَابِدًا، مُتَقَلِّلًا مِنَ الدُّنْيَا. وَعِنْدَهُ فَضِيْلَةٌ. وَكَانَ مِنْ سَادَاتِ الشُّيُوْخِ عِلْمًا، وَعَمَلًا، وَصَلَاحًا، وَعِبَادَةً. وَحَكَى لِي عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ يَحْضُرُ مَكَانًا فِي "جَبَلِ الصَّالِحِيَّةِ" لِبَعْضِ شَأْنِهِ، فَوَجَدَ جَرَّةً مَمْلُوْءَةً دَنَانِيْرَ، وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ مَعَهُ تُعِيْنُهُ فِي الحَفْرِ، فَاسْتَرْجَعَ وَطَمَّ المَكَانَ كَمَا كَانَ أَوَّلًا، وَقَالَ لِزَوْجَتِهِ: هَذِهِ فِتْنَةٌ، وَلَعَلَّ لَهَا مُسْتَحِقِّيْنَ لَا نعْرِفُهُمْ، وَعَاهَدَهَا عَلَى أَنَّهَا لَا تُشْعِرُ بِذلِكَ أَحَدًا، وَلَا تتَعَرَّضُ إِلَيْهِ، وَكَانَتْ صَالِحَةً مِثْلَهُ، فترَكَا ذلِكَ تَوَرُّعًا، مَعَ فَقْرِهِمَا وَحَاجَتِهِمَا، وَهَذَا غَايَةُ الوَرَعِ وَالزُّهْدِ، رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى. حَدَّثَ -رَحِمَهُ اللهُ- بالكَثيْرِ نَحوًا مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَة، وَسَمِعَ مِنْهُ خَلْقٌ كَثيْرٌ. وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الأكَابِرِ. وَحَدَّثنا عَنْهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ: ابنُ الخَبَّازِ، وَعَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدِ بنِ قَيِّمِ الضِّيَائِيَّةِ، وَأَحْمَدُ الحَرِيْرِيُّ، وَأَبُو الفَضْلِ ابنُ الحَمَوِيِّ، وَعُمَرُ بنُ عُثْمَانَ بنِ سَالِمٍ المَقْدِسِيُّ.
وَتُوُفِّيَ بَعْدَ عِشَاءِ الآخِرَةِ مِنْ لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ تَاسِعَ جُمَادَى الأوْلَى سَنةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، بِمَنْزِلهِ بِمَدْرَسَةِ عَمِّهِ (١) بِالجَبَلِ، وَدُفِنَ مِنَ الغَدِ
(١) في (ط): "عَمِّهُ أَبِي عُمَر" وَفِي (أ) "أَبي عُمَرَ" ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهَا بِالقَلَمِ، وَكَتَبَ فَوْقَهَا =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute