عَبْدِ الدَّائِمِ، فَرَجَّحَ فَضِيْلَتَهُ عَلَى فَضِيْلَةِ ابنِ عَبْدِ الدَّائِمِ.
وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: كَانَ فَقِيْهًا، عَارِفًا بِالمَذْهَبِ، فَصِيْحًا، صَادِقَ اللَّهْجَةِ، يَرُدُّ عَلَى الطَّلَبَةِ، مَعَ الوَرَعِ وَالتَّقْوَى، وَالسَّكِيْنةِ وَالجَلَالَةِ. وَقَالَ أَيْضًا: كَانَ فَقِيْهًا، إِمَامًا، فَاضِلًا، أَدِيْبًا، زَاهِدًا، صَالِحًا، خَيِّرًا، عَدْلًا، مَأْمُوْنًا، وَقَالَ: سَأْلُتُ المِزِّيَّ عَنْهُ فَقَالَ: أَحَدُ المَشَايخِ الأكَابِرِ، وَالأعْيَانِ الأمَاثِلِ، مِنْ بَيْتِ العِلْمِ وَالحَدِيْثِ، قَالَ: وَلَا يُعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا حَصَلَ لَهُ مِن الحَظْوَةِ فِي الرِّوَايَةِ فِي هَذِهِ الأزْمَانِ مِثْلَ مَا حَصَلَ لَهُ.
قَالَ شيْخُنَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ: يَنْشَرِحُ صَدْرِي إِذَا أَدْخَلْتُ ابنَ البُخَارِيِّ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في حَدِيْثٍ. وَكَانَ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّيْنِ فِي أَوَّلِ أَمْرِه يَتَعَاطَى السَّفَرَ للتِّجَارَةِ، فَلَمَّا أَسَنَّ لَزِمَ بَيْتَهُ مُتَوَفِّرًا عَلَى العِبَادَةِ والرِّوَايَةِ، وَلَمْ يَتَدَنَّسْ مِنَ الأوْقَافِ بِشَيْءٍ، بَلْ هُوَ وَقَفَ عَلَى مَدْرَسَةِ عَمِّهِ ضِيَاءِ الدِّيْنِ مِنْ مَالِهِ، حَدَّثَ مِنْ بَعْدِ العِشْرِيْنَ وَالسِّتِّمَائَةِ (١)، وَسَمِعَ مِنْهُ الحُفَّاظُ وَالمُتَقَدِّمُوْنَ؛ عُمَرُ بنُ الحَاجبِ -وَمَاتَ سَنَةَ ثَلَاثِيْنَ وَسِتِّمَائَةِ- وَالحَافِظُ زكِيُّ الدِّيْنِ المُنْذِرِيُّ، وَالرَّشِيْدُ العَطَّارُ حَافِظُ الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ، وَتكاثَرَ عَلَيْهِ الطلَبَةُ مِنْ نَحْوِ الخَمْسِيْنَ وَالسِّتِّمَائَةِ، وَازْدَحَمُوا بَعْدَ الثَّمَانِيْنَ، حَتَى كَانَ يَكُوْنُ لَهُمْ فِي اليَوْمِ الوَاحِدِ
(١) فِي "تَارِيْخِ الإسْلَامِ": "وَرَوَى الحَدِيْثَ سَبْعِيْنَ سَنَةً، فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الحَاجِبِ سَمعَ مِنْهُ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ، وَسَمعَ مِنْهُ الحَافِظَانِ زكِيُّ الدِّيْنِ المُنْذِرِيُّ، وَرَشِيْدُ الدينِ القُرَشِيُّ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَلَاثِيْنَ بِـ"القَاهِرَةِ"، وَقَرَأَ عَلَيْهِ شَمْسُ الدِّينِ بنُ الكَمَالِ ابْنُ عَمِّهِ كَثِيْرًا منَ الأجْزَاءِ بَعْدَ الخَمْسِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute