للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: كَانَ إِمَامًا، مُحَدِّثًا، مُتْقِنًا، مُفِيْدًا، فَقِيْهًا، مُفْتِيًا، خَبِيْرًا بِاللُّغَةِ وَالغَرِيْبِ، غَزِيْرَ الفَوَائِدِ، كَثِيْرَ التَّحَرِّي فِيْمَا يُوْرِدُهُ، مُكَرَّمًا بَيْنَ المُلُوْكِ وَالأَئِمَّةِ، مَهِيبًا، كَثِيرَ التَّوَاضُعِ، حَسَنَ البِشْرِ، حُلْوَ المُجَالَسَةِ، يُعْطِي كُلَّ ذِي فَضِيْلَةٍ حَقَّهُ. وَقَالَ أَيْضًا: كَانَ ذَا عِنَايَةٍ بِالغَرِيْبِ، وَالأَسْمَاءِ وَضَبْطِهَا، مُدِيمًا لِلمُطَالَعَةِ، كَثِيرَ المَحَاسنِ، مُنَوَّرَ الشَّيبَةِ، عَظِيْمَ الهَيْبَةِ. وَقَالَ فِي آخِرِ "طَبَقَاتِ الحُفَّاظِ" (١) انْتَفَعْتُ بِهِ، وَتَخَرَّجْتُ بِهِ، وَكَانَ عَارِفًا بِقَوَانِيْنِ الرِّوَايَةِ، حَسَنَ الدِّرَايَةِ، جَيِّدَ المُشَارَكَةِ فِي الأَلْفَاظِ وَالرِّجَالِ، صاحِبَ رِحْلَةٍ، وَأُصُولٍ، وَكُتُبٍ، وَأَجْزَاءٍ، وَمَحَاسِنٍ - انتَهَى -. حَدَّثَ بِالكَثِيرِ، وَسَمِعَ مِنْهُ خَلْقٌ مِنَ الحُفَّاظِ وَالأَئِمَّةِ، وَأَكْثَرَ عَنْهُ البِرْزَالِيُّ وَالذَّهَبِيُّ بِـ "دِمَشْقَ" وَ"بَعْلَبَكَّ" وَسَمِعْنَا مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَدْ خَرَّجَ لَهُ ابْنُ أَبِي الفَتْحِ البَعْلِيُّ النَّحْوِيُّ "مَشْيَخَةً" فِي ثَلَاثَةَ عَشَرَ جُزْءًا، وَالحَافِظُ الذَّهَبِيُّ "عَوَالِيَ". وَحَدَّثَ بِالجَمِيعِ.

وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الخَمِيْسِ حَادِي عَشَرَ رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِمَائَةَ بِـ "بَعْلَبَكَّ" وَدُفِنَ مِنْ يَوْمِهِ بِـ "بَابِ سَطْحًا" وَصُلِّيَ عَلَيْهِ يَوْمَ الجُمُعَةِ بِجَامِعِ "دِمَشْقَ" صَلَاةَ الغَائِبِ، وَأَسِفَ النَّاسُ عَلَيْهِ. وَكَانَ مَوْتُهُ بِشَهَادَةٍ رَحِمَهُ اللهُ، فَإِنَّهُ دَخَلَ إِلَيْهِ - يَوْمَ الجُمُعَةِ خَامِسَ رَمَضَانَ وَهُوَ فِي خِزَانَةِ الكُتُبِ بِمَسْجِدِ الحَنَابِلَةِ - شَخْصٌ، فَضَرَبَهُ بِعَصًى علَى رَأْسِهِ مَرَّاتٍ، وجَرَحَهُ فِي رَأْسِهِ بِسِكِّينٍ، فَاتَّقَى بِيَدِهِ، فَجَرَحَهُ فِيْهَا، وَأُمْسِكَ الضَّارِبُ، وَضُرِبَ ضَرْبًا عَظِيمًا، وَحُبِسَ، وَأَظْهَرَ الاخْتِلَالَ، وَحُمِلَ الشَّيْخُ إِلَى دَارِهِ، وَأَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ يُحَدِّثُهُمْ،


(١) هُوَ نَفْسُهُ "تَذْكِرَةُ الحُفَّاظِ" أَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي تَخْرِيْجِ التَّرْجَمَةِ.