للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وُلِدَ فِي حَادِي عَشَرَ - أَوْ ثَانِي عَشَرَ - ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَسِتِّمَائَةَ بِشَرْقِيِّ "وَاسِطَ"، وَكَانَ أَبُوْهُ شَيْخَ الطَّائِفَةِ الأَحْمَدِيَّةِ (١)، وَنَشَأَ الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّيْنِ بَيْنَهُمْ، وَأَلْهَمَهُ اللهُ مِنْ صِغَرِهِ طَلَبَ الحَقِّ وَمَحَبَّتِهِ، وَالنُّفُوْرَ عَنِ البِدَعِ وَأَهْلِهَا، فَاجْتَمَعَ بِالفُقَهَاءِ بِـ "وَاسِطَ" كَالشَّيْخِ عِزِّ الدِّيْنِ الفَارُوثِيِّ (٢) وَغَيْرِهِ، وَقَرَأَ شَيْئًا مِنَ الفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. ثُمَّ دَخَلَ "بَغْدَادَ" وَصَحِبَ بِهَا طَوَائِفَ مِنَ الفُقَهَاءِ، وَحَجَّ، وَاجْتَمَعَ بِـ "مَكَّةَ" بِجَمَاعَةٍ مِنْهُمْ، وَأَقَامَ بِـ "القَاهِرَةِ" مُدَّةً بِبَعْضِ خَوَانِقِهَا (٣)، وَخَالَطَ طَوَائِفَ الفُقَهَاءِ، وَلَمْ يَسْكُنْ قَلْبُهُ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الطَّوَائِفِ المُحْدِثَةِ، وَاجْتَمَعَ بِـ "الإِسْكَنْدَرِيَّةِ" بِـ "الطَّائِفَةِ الشَّاذِلِيَّةِ"، فَوَجَدَ عِنْدَهُمْ مَا يَطْلُبُهُ مِنْ لَوَائِحِ المَعْرِفَةِ، وَالمَحَبَّةِ وَالسُّلُوْكِ، فَأَخَذَ ذلِكَ عَنْهُمْ، وَانْتَفَعَ بِهِمْ، وَاقْتَفَى طَرِيْقَتَهُمْ وَهَدْيَهُمْ. ثُمَّ قَدِمَ "دِمَشْقَ"، فَرَأَى الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّيْنِ بْنَ تَيْمِيَّةَ وَصَاحَبَهُ، فَدَلَّهُ عَلَى مُطَالَعَةِ السِّيْرَةِ النَّبَوِيَّةِ، فَأَقْبَلَ عَلَى "سِيْرَةِ ابْنِ إِسْحَقَ"، "تَهْذِيْبِ ابْنِ هِشَامٍ"، فَلَخَّصَهَا وَاخْتَصَرَهَا، وَأَقْبَلَ عَلَى مُطَالَعَةِ كُتُبِ الحَدِيْثِ وَالسُّنَّةِ وَالآثَارِ، وَتَخَلَّى مِنْ جَمِيعِ طَرَائِقِهِ وَأَحْوَالِهِ،


(١) مِنْ طَوَائِفِ الصُّوْفِيَّةِ مَشْهُوْرَةٌ.
(٢) فِي (ط): "الفَارُوتِي"، والفَارُوثِي بِالثَّاءِ المُثَلَّثَةِ، نِسْبَة إِلَى "فَارُوث" مِنْ قَرى "وَاسِطَ" مُعْجَمِ البُلْدَانِ (٤/ ٢٥٩). وَهُوَ أَحْمَدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ (ت: ٦٩٤ هـ).
(٣) جَمْعُ خَانِقَاهُ، وَالخَانِقَاهُ "بُقْعَةٌ يَسْكُنُهَا أَهْل الصَّلَاةِ وَالخَيْرِ، وَالصُّوفِيَّةُ، وَالنُّونُ مَفْتُوحَةٌ، مُعَرَّبٌ؛ (فَانه كَاه)، قَالَ المَقْرِيْزِيُّ: وَقَدْ حَدَثَتْ فِي الإِسْلَامِ فِي حُدُوْدِ الأَرْبَعِمَائَةَ، وَجُعِلَتْ لِمُخْتَلَى الصُّوْفِيَّةِ فِيْهَا لِعِبَادَةِ اللهِ تَعَالَى، فإِذَا عَرَفْتَ ذلِكَ فَالأَنْسَبُ ذِكْرُهُ فِي الهَاءِ؛ لأَنَّهَا أَصْلِيَّةٌ"، تَاجُ العَرُوس (٢٥/ ٢٧٠).