للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَأَذْوَاقِهِ وَسُلُوْكِهِ، وَاقْتَفَى آثَارَ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - وَهَدْيَهُ، وَطَرَائِقَه المَأْثُورَةَ عَنْهُ فِي كُتُبِ السُّنَنِ وَالآثَارِ، وَاعْتَنَى بِأَمْرِ السُّنَّةِ أَصُولًا وَفُرُوعًا، وَشَرَعَ فِي الرَّدِّ عَلَى طَوَائِفِ المُبْتَدِعَةِ الَّذِينَ خَالَطَهُمْ وَعَرَفَهُمْ مِنَ الاتِّحَادِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَبَيَّنَ عَوْرَاتَهُمْ، وَكَشَفَ أَسْتَارَهُمْ، وَانْتُقِلَ إِلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، وَبَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي "الكَافِي" علَى الشَّيْخِ مَجْدِ الدِّينِ الحَرَّانِيِّ الآتي (١) ذِكْرُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، وَاخْتَصَرَهُ فِي مُجَلَّدٍ سَمَّاهُ "البُلْغَةَ" وَأَلَّفَ تَآلِيْفَ (٢) كَثِيْرَةً فِي الطَّرِيْقَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَالسُّلُوْكِ الأَثَرِيِّ، وَالفَقْرِ المُحَمَّدِيِّ؛ وَهِيَ مِنْ أَنْفَعِ كُتُبِ الصُّوفِيَّةِ (٣) لِلْمُرِيْدِينَ، انْتَفَعَ بِهَا خَلْقٌ مِنْ مُتَصَوِّفَةِ أَهْلِ الحَدِيثِ وَمُتَعَبِّدِيْهِمْ (٤). وَكَانَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّيْنِ بْنُ تَيْمِيَّةَ يُعَظِّمُهُ وَيُجِلُّهُ، وَيَقُوْلُ عَنْهُ: هُوَ جُنَيْدُ (٥) وَقْتِهِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابًا مِنْ "مِصْرَ" أَوَّلُهُ: "إِلَى شَيْخِنَا، الإِمَامِ، العَارِفِ، القُدْوَةِ السَّالِكِ".

قَالَ البِرْزَالِيُّ عَنْهُ فِي "مُعْجَمِهِ": رَجُلٌ صَالِحٌ، عَارِفٌ، صَاحِبُ نُسُكٍ وَعِبَادَةٍ، وَانْقِطَاعٍ وَعُزُوْفٍ عَنِ الدُّنْيَا، وَلَهُ كَلَامٌ مَتِيْنٌ فِي التَّصَوُّفِ الصَّحِيْحِ، وَهُوَ دَاعِيَةٌ


(١) إِسْمَاعِيْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ (ت: ٧٢٩ هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(٢) فِي (ط): "تَآلف" خَطأ طِبَاعَة.
(٣) تَصَوُّفُ أَهْلِ الحَدِيْثِ هُوَ الزُّهدُ بِعَيْنِهِ؛ فَهُمْ - فِي الغَالِبِ - أَبْعَدُ النَّاسِ عَنِ البِدَعِ؛ لأَنَّ مُسْتَمْسِكَ أَهْلِ البِدَعِ، أَحَادِيْثُ مَكْذُوبَةٌ، وأَمَّا تَأْصِيْلُ عِبَادَاتٍ لَمْ تَرِدْ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ.
(٤) في (أ): "متعبديها".
(٥) الجُنَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الجُنَيْدِ البَغْدَادِيُّ أَبُو القَاسِمِ الصُّوفِيُّ (ت: ٢٩٧ هـ) مَشْهُوْرٌ. أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيْخِ بَغْدَادَ (٧/ ٢٤١)، وَطَبَقَاتِ الحنَابِلَةِ (١/ ٣٤٣) خَرَّجْتُ تَرْجَمَتَهُ هُنَاك.