للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالقَاسِمِ الإِرْبِليِّ، وَخَلْقٍ مِنْ هَذِهِ الطَّبَقَةِ.

وَسَمِعَ "المُسْنَدَ" وَ"الصَّحِيْحَيْنِ" وَكُتُبَ "السُّنَنِ"، وَتَفَقَّهَ فِي المَذْهَبِ حَتَّى بَرَعَ وَأَفْتَى، وَبَرَعَ أَيْضًا فِي الفَرَائِضِ، وَالحِسَابِ، وَعِلْمِ الهَيْئَةِ، وَفِي الأَصْلَيْنِ وَالعَرَبِيَّةِ، وَلَهُ مُشَارَكَةٌ قَوِيَّةٌ فِي الحَدِيْثِ، وَدَرَّسَ بِـ "الحَنْبَلِيَّةِ" مُدَّةً. وَكَانَ صَاحِبَ صِدْقٍ وَإِخْلَاصٍ، قَانِعًا بِاليَسِيْرِ، شَرِيْفَ النَّفْسِ، شُجَاعًا مِقْدَامًا، مُجَاهِدًا، زَاهِدًا، عَابِدًا، وَرِعًا، يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ لَيْلًا، وَيَأْوِي إِلَيْهِ لَيْلًا، وَلَا يَجْلِسُ فِي مَكَانٍ مُعَيَّنٍ، بِحَيْثُ يُقْصَدُ فِيْهِ، لكِنَّهُ يَأْوِي إِلَى المَسَاجِدِ المَهْجُوْرَةِ خَارِجِ البَلَدَ، فَيَخْتَلِي فِيْهَا لِلصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ، وَكَانَ كَثِيْرَ العِبَادَةِ، وَالتَّأَلُّهُ، وَالمُرَاقَبَةِ، وَالخَوْفِ مِنَ اللهِ تَعَالَى، ذَا كَرَامَاتٍ وَكُشُوْفٍ. وَمِمَّا اشْتُهِرَ عَنْهُ: أَنَّهُ كَثيْرَ الصَّدَقَاتِ، وَالإيْثَارِ بِالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ فِي حَضَرِهِ وَسَفَرِهِ، مَعَ فَقْرِهِ وَقِلَّةِ ذَاتِ يَدِهِ، وَكَانَ رَفِيْقُهُ فِي المِحْمَلِ فِي الحَجِّ يُفَتِّشُ رَحْلَهُ فَلَا يَجِدُ فِيْهِ شَيْئًا، ثُمَّ يَرَاهُ يَتَصَدَّقُ بِذَهَبٍ كَثِيْرٍ جِدًّا. وَهَذَا أَمْرٌ مَشْهُوْرٌ مَعْرُوْفٌ عَنْهُ (١). وَحَجَّ مَرَّاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ. وَكَانَ لَهُ يَدٌ طُوْلَى فِي مَعْرِفَةِ تَرَاجِمِ السَّلَفِ وَوَفَيَاتِهِمْ، وَفِي التَّوَارِيْخِ المُتَقَدِّمَةِ وَالمُتَأَخِّرَةِ. وَحُبِسَ مَعَ أَخِيْهِ بِـ "الدِّيَارِ المِصْرِيَّةِ" مُدَّةً. وَقَدِ اسْتُدْعِيَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَحْدَهُ إِلَى المُنَاظَرَةِ، فَنَاظَرَ، وَأَفْحَمَ الخُصُوْمَ (٢).


(١) هَذَا الكَلامُ وَأَمْثَالُهُ لَا يَجِدُ عِنْدَنَا مَسَاغًا وَلَا رَوَاجًا، وَفَضائِلُ الشَّيْخِ كَثِيْرَةٌ، وَمَنَاقِبُهُ مُتَعَدِّدَةٌ لَا تَحْتَاجُ إِلَى مِثْلِ هَذِهِ الدَّعَاوَى.
(٢) قَالَ الصَّفَدِيُّ: "رَأَيْتُ كَثيْرًا مِنَ الفُضَلَاءِ يَقُوْلُ: هُوَ أَقْرَبُ مِنْ أَخِيْهِ إِلى طَرِيْقِ العُلَمَاءِ =