للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عِلْمًا وَعَزْمًا، وَأَنْفَذُهُمْ وَأَعْلَاهُمْ فِي انْتِصَارِ الحَقِّ وَقِيَامِهِ هِمَّةً (١)، وَأَسْخَاهُمْ كَفًّا، وَأَكْمَلَهُمُ اتِّبَاعًا لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، مَا رَأَيْنَا فِي عَصْرِنَا هَذَا مَنْ يَسْتَجْلي النُّبُوَّةَ المُحَمَّدِيَّةَ وَسُنَنَهَا مِنْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ إلَّا هَذَا الرَّجُلُ، بِحَيْثُ يَشْهَدُ القَلْبُ الصَّحِيْحُ أَنَّ هَذَا هُوَ الاتِّبَاعِ حَقِيْقَةً. وَلكِنْ كَانَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ خَوَاصِّ أَصْحَابِهِ رُبَّمَا أَنْكَرُوا مِنَ الشَّيْخِ كَلَامَهُ فِي بَعْضِ الأَئِمَّةِ الأكَابِرِ الأَعْيَانِ، أَوْ فِي أَهْلِ التَّخَلِّي وَالانْقِطَاعِ وَنَحْو ذلِكَ. وَكَانَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللهُ - لَا يَقْصُدُ بِذلِكَ إلَّا الخَيْرَ، والانْتِصَارَ لِلْحَقِّ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَطَوَائِفُ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الحَدِيْثِ وَحُفَّاظُهُمْ وَفُقَهَاؤُهُمْ كَانُوا يُحِبُّوْنَ الشَّيْخَ وَيُعَظِّمُوْنَهُ، وَلَمْ يَكُوْنُوا يُحِبُّوْنَ لَهُ التَّوَغُّلَ مَعَ أَهْلِ الكَلَامِ وَلَا الفَلَاسِفَةِ، كَمَا هُوَ طَرِيْقُ أَئِمَّةِ أَهْلِ الحَدِيْثِ المُتَقَدِّمِيْنَ، كَالشَّافعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَقَ وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَنَحْوِهِمْ، وَكَذلِكَ كَثِيْرٌ مِنَ العُلَمَاءِ مِنَ الفُقَهَاءِ والمُحَدِّثِيْنَ وَالصَّالِحِيْنَ كَرِهُوا لَهُ التَّفَرُّدَ بِبَعْضِ شُذُوْذِ المَسَائِلِ الَّتِي أَنْكَرَهَا السَّلَفُ عَلَى مَنْ شَذَّ بِهَا (٢)، حَتَّى إِنَّ بَعْضَ قُضَاةِ العَدْلِ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنَعَهُ (٣) مِنَ الإفْتَاءِ بِبَعْضِ ذلِكَ.


= السَّمَاءِ مِثْلُ شَيْخِكُمْ عِلْمًا وَعَمَلًا. . .".
(١) سَاقِطٌ مِنْ (ط).
(٢) مَا دَامَتِ هَذِهِ المَسَائِل يَعْضُدُهَا دَلِيْلٌ مِنْ كِتَابِ الله، وَسُنَّةِ نبيه - صلى الله عليه وسلم - فَلَا يُعْتَبَرُ الإِفْتَاءُ بِهَا شُذُوْذًا، وَهَذَا شَأْنُ المَسَائِل الَّتِي تَفَرَّدَ بِهَا شَيْخُ الإِسْلَامِ عَلَى عُلَمَاءِ عَصْرِهِ، وَهِيَ مِمَّا قَالَ بِهِ القُدَمَاءُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ … وَفتَاوَاهُ مُوَافَقَةً لَهُمْ، فَلَا شُذُوْذَ إِذًا أَصْلًا.
(٣) الَّذِي مَنَعَهُ هُوَ القَاضِي الحَنْبَلِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسَلَّمٍ الزَّيْنِيُّ المَعْرُوفُ بِـ "ابْنِ مَزْرُوْعٍ" (ت: ٦٢٦ هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضعِهِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إِنَّمَا مَنَعَهُ مُوَافَقَةً لِلْمَذْهَبِ الَّذِي الْتَزَمَهُ =