للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَغَالِبُ حَطِّهِ عَلَى الفُضَلَاءِ والمُتَزَهِّدَةِ فَبِحْقٍّ، وَفِي بَعْضِهِ هُوَ مُجْتَهِدٌ، وَمَذْهَبُهُ يُوْسِعُهُ العَذْرَ للخَلْقِ، وَلَا يُكَفِّرُ أَحَدًا إلَّا بَعْدَ قِيَامِ الحُجَّةِ عَلَيْهِ. قَالَ: وَلَقَدْ نَصَرَ السُّنَّةَ المَحْضَةَ، وَالطَّرِيْقَةَ السَّلَفِيَّةَ، وَاحْتَجَّ لَهَا بِبَرَاهِيْنَ وَمُقَدِّمَاتٍ وأُمُوْرٍ لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهَا، وَأَطْلَقَ عِبَارَاتٍ أَحْجَمَ عَنْهَا الأَوَّلُوْنَ وَالآخِرُوْنَ وَهَابُوا، وَجَسَرَ هُوَ عَلَيْهَا، حَتَّى قَامَ عَليْهِ خَلْقٌ مِنْ عُلَمَاءِ "مِصْرَ" وَ"الشَّامِ" قِيَامًا لَا مَزِيْدَ عَلَيْهِ، وَبَدَّعُوْهُ وَنَاظَرُوْهُ وَكَابَرُوْهُ، وَهُوَ ثَابِتٌ لَا يُدَاهِنُ ولَا يُحَابِي، بَلْ يَقُوْلُ الحَقَّ المُرَّ الَّذِي أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، وَحِدَّةُ ذِهْنِهِ، وَسَعَةُ دَائِرَتِهِ فِي السُّنَنِ وَالأقْوَالِ، مَعَ مَا اشْتُهِرَ عَنْهُ مِنَ الوَرَعِ، وَكَمَالِ الفِكْرِ، وَسُرْعَةِ الإدْرَاكِ، وَالخَوْفِ مِنَ اللهِ، وَالتَّعْظِيْمِ لِحُرُمَاتِ اللهِ. فَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ حَمَلَاتٌ حَرْبِيَّةٌ، وَوَقَعَاتٌ شَامِيَّةٌ وَمِصْرِيَّةٌ، وَكَمْ مِنْ نَوْبَةٍ قَدْ رَمَوْهُ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ، فَيُنْجِيْهِ اللهُ؛ فَإِنَّهُ دَائِمُ الابْتِهَالِ، كَثِيْرُ الاسْتِغَاثَةِ، وَالاسْتِعَانَةِ بِهِ، قَوِيُّ التَّوَكُّلِ، ثَابِتُ الجَأْشِ. لَهُ أَوْرَادٌ وَأَذْكَارٌ يُدْمِنُهَا بِكَيْفِيَّةٍ وَجَمْعِيَّةٍ. وَلَهُ مِنَ الطَّرَفِ الآخَرِ مُحِبُّوْنَ مِنَ العُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ، وَمِنَ الجُنْدِ وَالأُمَرَاءِ، وَمِنَ التُّجَّارِ وَالكُبَرَاءِ، وسَائِرِ العَامَّةِ تُحِبُّهُ؛ لأنَّهُ مُنْتَصِبٌ لِنَفْعِهِمْ لَيْلًا وَنَهَارًا، بِلِسَانِهِ وَقَلَمِهِ.


= القَاضِي، وَكانَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّيْنِ يَجْتَهِدُ، لَا يَلْتَزِمُ بِالمَذْهَبِ، وَكَانَ الشَّيْخُ ابْنُ تَيْمِيَّة هُوَ الَّذِي قَوَّى عَزْمَ ابْنِ مَزْرُوعٍ هَذَا لِلالْتِزَامِ بِالقَضَاءِ، لَمَّا عُرِضَ عَلَيْهِ، وَطَلَعَ إِلَيْهِ وَقَوَّى عَزْمَهُ. وَفِي الجَانِبِ الثَّانِي فَإِنَّ ابْنَ مَزْرُوعٍ أُوْذِيَ بالكَلَامِ فَكَظَمَ وَصبَرَ بِسَبَبِ مُوَافَقَة ابْنِ تَيْمِيَّةَ، فَهُو وَإِنْ خَالَفَهُ فِي مَسْأَلَةٍ، فَقَدْ وَافَقَهُ فِي مَسَائِلَ، وَهَذَا هُوَ الإنْصَافُ بِعَيْنِهِ.