للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بَعْضِهِمْ بِالرُّجُوْعِ. وَكَانَ قَاضِيْهِمْ الحَرَّانِيُّ (١) قَلِيْلَ العِلْمِ.

ثُمَّ فِي سَلْخِ رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ أَحْضَرَ سَلَارُ - نَائِبُ السُّلْطَانِ بِـ "مِصْرَ" - القُضَاةَ وَالفُقَهاءَ، وَتَكَلَّمَ فِي إِخْرَاجِ الشَّيْخِ، فَاتَّفَقُوا عَلى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ أُمُوْرٌ، وَيُلْزَمُ بِالرُّجُوْعِ عَنْ بَعْضِ العَقِيْدَةِ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ مَنْ يُحْضِرُهُ، وَلَيَتَكلَّمُوا مَعَهُ فِي ذلِكَ، فَلَمْ يُجِبْ إِلَى الحُضُوْرِ، وَتَكَرَّرَ الرَّسُوْلُ إِلَيْهِ فِي ذلِكَ سِتَّ مَرَّاتٍ، وَصَمَّمَ عَلَى عَدَمِ الحُضُوْرِ، فَطَالَ عَلَيْهِمُ المَجْلِسُ، فَانْصَرَفُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ.

ثُمَّ فِي آخِرِ هَذِهِ السَّنَةِ وَصَلَ كتَابٌ إِلَى نَائِبِ السَّلْطَنَةِ بِـ "دِمَشْقَ" مِنَ الشَّيْخِ، فَأَخْبَرَ بِذلِكَ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ حَضَرَ مَجْلِسَهُ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ وقَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ، وَلَا أَشْجَعَ مِنْهُ. وَذَكَرَ مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي السِّجْنِ مِنَ التَّوَجُّهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ شَيْئًا مِنَ الكِسْوَةِ السُّلْطَانِيَّةِ، وَلَا مِنَ الأَدْرَارِ السُّلْطَانِيِّ، ولَا تَدَنَّسَ بِشَيْءٍ مِنْ ذلِكَ.

ثُمَّ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَسَبْعِمَائَةَ دَخَلَ مُهَنَّا بنُ عِيْسَى أَمِيْرُ العرَبِ (٢)


(١) القَاضِي الحَرَّانِيُّ: هُوَ عَبْدُ الغَنِيِّ بْنُ يَحْيَى الحَرَّانِيُّ (ت: ٧٠٩ هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ وَقَالَ: هُنَاكَ: "مُزْجَى البِضَاعَةِ مِنَ العِلْمِ".
(٢) مُهَنَّا بْنُ عِيْسَى، حُسَامُ الدِّيْن الطَّائِيُّ، أَمِيْرُ "آلِ فَضْلٍ" مِنْ طَيِّئٍ، وَهُوَ أَمِيْرُ العَرَبِ، وَصَفَهُ الحافِظُ الذَّهَبِيُّ بِأَنَّهُ "كَانَ وَقُوْرًا، مُتَوَاضِعًا … حَلِيْمًا، ذَا مُرُوءَةٍ وَسُؤْدَدٍ" وَقَالَ ثَانِيَةً: "فِيْهِ خَيْرٌ وَتَعَبُّدٌ". أَخْبَارهُ فِي: مِنْ ذُيُوْلِ العِبَرِ (١٨٧)، وَدُوَلِ الإِسْلَامِ (٢/ ١٨٤)، وَالبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (١٤/ ١٧٢)، وَالدُّرَرِ الكَامِنَةِ (٥/ ١٣٩)، وَالسُّلُوْكِ (٢/ ٢/ ٣٨٩).
وَفَصَّلَ الحَافِظُ البِرْزَالِيُّ فِي المُقْتَفَى خَبَرُ مُهَنَّا فَقَالَ: "وَفِي أَوَائِلِ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ =