للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَأَنَّنِي في دَارٍ حَسَنَةٍ جَمِيْلَةٍ، وَفِيْهَا مِنْ الغِلْمَانِ وَالخَدَمِ وَالجُنْدِ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَهُمْ صِغَارٌ وَكِبَارٌ، وَالدَّخْلُ وَالخَرْجُ، وَالأَمْرُ وَالنَّهْيُ، فَإِذَا رَجُلٌ بَهِيٌّ، شَيْخٌ عَلَى سرِيْرٍ، وَالنُّوْرُ عَلَى وَجْهِهِ ظَاهِرٌ، وَعَلَى رَأْسِهِ (١) تَاجٌ مِنْ ذَهَبٍ مُرَصَّعٌ بِالجَوْهَرِ، وَثِيَابٌ خُضْرٌ تَلْمَعُ، وَكَانَ إِلَى جَنْبِي رَجُلٌ مُمَنْطَقٌ يُشْبِهُ الجُنْدَ، فَقُلْتُ لَهُ: بِاللهِ هَذَا المَنْزِل لِمَنْ؟ قَال لِمَنْ ضُرِبَ بِالسَّوْطِ حَتَّى يَقُوْلَ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ، قُلْتُ أَنَا فِي الحَالِ: أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ؟ قَال: هُوَ ذَا، فَقُلْتُ: وَاللهِ إِنَّ فِي نَفْسِي أَشْيَاءٌ كَثِيْرَةٌ، أَشْتَهِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهَا، وَكَانَ عَلَى سَرِيْرٍ، وَحَوْلَ السَّرِيْرِ خَلْقٌ قِيَامٌ، فَأَوْمَأَ إِلَيَّ أَنِ اجْلِسْ، وَسَلْ عَمَّا تُرِيْدُ، فَمَنَعَنِي الحَيَاءُ مِنَ الجُلُوْسِ، فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِيْ عَادَتِي لَا أُرَجِّعُ فِي الأَذَانِ، وَلَا أَقْنِتُ فِي صَلَاةِ الفَجَرِ، غَيْرَ أَنَّنِي أَجْهَرُ بِـ "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ" وَأَخْشَعُ، فَقَال بِصَوْتٍ رَفِيْعٍ عَالٍ (٢): أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَتْقَى مِنْكَ وَأَخْشَعُ، وَأَكْثَرُهُمْ لَمْ يَجْهَرُوا بِقِرَاءَتِهَا، فَقُلْتُ: عَادَتِي لَيْلَةَ الغَيْمِ أَصُوْمُ، كَمَا قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، فَقَال: اعْتَقِدْ مَا شِئْتَ مِنْ أَيِّ مَذْهَبٍ تُدِيْنُ اللهَ بِهِ، وَلَا تَكُنْ مَعْمَعِيًّا، وَأَنَا أَرْعُدُ، فَلَمَّا أَصْبَحتُ أَعْلَمْتُ مَنْ يُصَلِّي وَرَائِي بِمَا رَأَيْتُ، وَلَمْ أَجْهَرْ بَعْدُ، وَدَعَانِي ذلِكَ إِلَى أَنْ قُلْتُ هَذِهِ القَصِيْدَةَ وَهِيَ:

حَقِيْقَةُ إِيْمَانِي أَقُوْلُ لِتَسْمَعُوا … لَعَلِّي بِهِ يَوْمًا إِلَى اللهِ أَرْجِعُ

بِأَنْ لَا إِلَهَ غَيْرَ ذِيْ الطَّوْلِ وَحْدَهُ … تَعَالَى بِلَا مِثْلٍ لَهُ الخَلْقُ خُضَّعُ


(١) عُدلت في (أ) إلى: "وعليه .. ".
(٢) في (أ): "عالٍ رفيعٍ".