وَقُرِئَ عَلَى شَيْخِنَا الإِمَامِ العَلَّامَةِ أَبِي عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرِ بنِ أَيُّوْبَ - وَأَنَا أَسْمَعُ - هَذِهِ القَصِيْدَةُ مِنْ نَظْمِهِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ "صِفَةِ الجَنَّةِ":
وَمَا ذَاكَ إِلَّا غِيْرَةٌ أَنْ يَنَالَهَا … سِوَى كُفْئِهَا وَالرَّبُّ بِالخَلْقِ أَعْلَمُ
وَإِنْ حُجِبَتْ عَنَّا بِكُلِّ كَرِيْهَةٍ … وَحُفَّتْ بمَا يُؤْذِي النُّفُوْسَ وَيُؤْلِمُ
فَللَّهِ مَا فِي حَشْوِهَا مِنْ مَسَرَّةٍ … وَأَصْنَافِ لَذَّاتٍ بِهَا يَتَنَعَّمُ
وَللهِ ذَاكَ العَيْشُ بَيْنَ خِيَامِهَا … وَرَوْضَاتِهَا وَالثَّغْرُ فِي الرَّوْضِ يَبْسَمُ
وَللهِ وَادِيْهَا الَّذِي هُوَ مَوْعِدُ المَـ … ــــزِيْدِ لِوَفْدِ الحُبِّ لَوْ كُنْتَ مِنْهُمُ
بِذَيَّالِكِ الوَادِي يَهِيْمُ صَبَابَةً … مُحِبٌّ يَرَى أَنَّ الصَّبَابَةَ مَغْنَمُ
وَللهِ أَفْرَاحُ المُحِبِّينَ عِنْدَ مَا … يُخَاطِبُهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيُسَلِّمُ
وَللهِ أَبْصَارٌ تَرَى اللهَ جَهْرَةً … فَلَا الضَّيْمُ يَغْشَاهَا وَلَا هِيَ تَسْأَمُ
فَيَا نَظْرَةً أَهْدَتْ إِلَى الوَجْهِ نَضْرَةً … أَمِنْ بَعْدِهَا يَسْلُو المُحِبُّ المُتَيَّمُ
وَللهِ كَمْ مِنْ خِيْرَةٍ إِنْ تَبَسَّمَتْ … أَضَاءَ لَهَا نُوْرٌ مِنَ الفَجْرِ أَعْظَمُ
فَيَا لَذَّةَ الأَبْصَارِ إِذْ هِيَ أَقْبَلَتْ … وَيَا لَذَّةَ الأَسْمَاعِ حِيْنَ تَكَلَّمُ
وَيَا خَجْلَةَ الغُصْنِ الرَّطِيْبِ إِذا انْثَنَتْ … وَيَا خَجْلَةَ البحْرَيْنِ حِيْنَ تَبَسَّمُ
فَإِنْ كُنْتَ ذَا قَلْبٍ عَلِيْلٍ بِحُبِّهَا … فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا وَصْلُهَا لَكَ مَرْهَمُ
وذَكَرَ أَبْيَاتًا، ثُمَّ قَالَ:
فَيَا خَاطِبَ الحَسْنَاءَ، إِنْ كُنْتَ بَاغِيًا … فَهَذَا زَمَانُ المَهْرِ فَهْوَ المُقَدَّمُ
وَكُنْ مُبْغِضًا لِلْخَائِنَاتِ لِحبِّهَا … فتَحْظَى بِهَا مِنْ بَيْنِهِنَّ وَتَنْعَمُ
وَكُنْ أَيِّمًا مِمَّنْ سَوَاهَا فَإِنَّهَا … لِمِثْلِكَ فِي جَنَّاتِ عَدَنٍ تَأَيَّمُ