للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المُتَعَبِّدِيْنَ، كَانَ لَهُ وِرْدٌ بَيْنَ العِشَاءَيْنِ، يَقْرَأُ فِيْهِ سُبْعًا مِنَ القُرْآنِ قَائِمًا وَقَاعِدًا، حَتَّى طَعَنَ فِي السِّنِّ.

وَقَالَ ابنُ نَاصِرٍ عَنْهُ: كَانَ شَيْخًا صَالِحًا، زَاهِدًا، صَائِمًا أَكْثَرَ وَقْتِهِ، ذَا كَرَامَاتٍ ظَهَرَتْ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ.

قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ: كَانَ الوَالِدُ السَّعِيْدُ إذَا جَلَسَ لِلْحُكْمِ بِـ "نَهْرِ المُعَلَّى" يَقْصِدُ الجُلُوْسُ لِلْحُكْمِ بِمَسْجِدِهِ، وَيُصَلِّي خَلْفَهُ.

قَالَ عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ: تُوُفِّيَ الشَّيْخُ الزَّاهِدُ أَبو مَنْصُوْرٍ فِي يَوْمِ الأَرْبِعَاءِ، وَقْتَ الظُّهْرِ، السَّادِسَ عَشَرَ مِنَ المُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَأَرْبَعِمَائَةِ. وَصَلَّى عَلَيْهِ يَوْمَ الخَمِيْسِ فِي جَامِعِ القَصْرِ ابنُ ابْنَتِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ، وَكَانَ الجَمْعُ كَثِيْرًا جِدًّا، وَعُبِرَ بِهِ إِلَى جَامِعَ المَنْصُورِ، فَصُلِّيَ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَحَضَرْتُ ذلِكَ، وَكَانَ الجَمْعُ وَافِرًا عَظِيْمًا، وَكَانَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ في دَاخِلِ المَقْصُوْرَةِ عِنْدَ القِبْلَةِ. وَمَضَيْتُ مَعَهُ إِلَى "بَابِ حَرْبٍ"، وَدُفِنَ فِي الدَّكَّةِ بَجَنْبِ الشَّيْخِ أَبِي الوَفَاءِ بنِ القَوَّاسِ (١).

وَقَالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: مَاتَ وَسِنُّهُ سَبْعٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً، مُمَتَّعًا بسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَعَقْلِهِ، وَحَضَرَ جَنَازَتَهُ مَالَا يُحَدُّ مِنَ النَّاسِ، حَتَّى إِنَّ الأَشْيَاخَ بِـ "بَغْدَادَ" كَانُوا يَقُوْلُونَ: مَا رَأَيْنَا جَمْعًا قَطُّ هكَذَا، لَا جَمْعَ ابنِ القَزْوِيْنِيِّ، وَلَا جَمْعَ ابنِ الفَرَّاءِ، وَلَا جَمْعَ الشَّرِيْفِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَهَذِهِ الجُمُوعُ الَّتي


(١) في (ط) الفقي: "ابن قواس" بدُوْنِ ألِفٍ وَلَامٍ، وَأَبُو الوَفَاءِ ابنُ القَوَّاسِ طَاهِرُ بنُ الحُسَيْنِ (ت: ٤٧٦ هـ) تَرْجَمَ لَهُ المُؤَلِّفُ فِيْمَا سَبَقَ رقم (١٩) ص (٨٤).