للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفَقِيْهُ، الوَاعِظُ، رَيْحَانَةُ البَغْدَادِيِّيْنَ، وُلِدَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَأَرْبَعَمِائَةَ، وَسَمِعَ مِنِ ابْنِ غَيْلَانِ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ الخَلَّالِ، وَالجَوْهَرِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ الأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَكَانَ فَقِيْهًا مُفْتِيًا، وَوَاعِظًا بَلِيْغًا فَصِيْحًا، لَهُ قَبُوْلٌ تَامٌّ، وَجَوَابٌ سَرِيْعٌ، وَخَاطِرٌ حَادٌّ، وَذِهْنٌ بَغْدَادِيٌّ، وَكَانَ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ فِي حِدَّةِ الخَاطِرِ، وَسُرْعَةِ الجَوَابِ بِالمُجُونِ، وَطِيْبِ الخُلُقِ، وَلَهُ كَلِمَاتٌ فِي الوَعْظِ حَسَنَةٌ، وَرَسَائِلُ مُسْتَحْسَنَةٌ، وَجُمْهُوْرَ وَعْظِهِ حِكَايَاتُ السَّلَفِ، وَكَانَ يَحْصُلُ بِوَعْظِهِ نَفْعٌ كَثيرٌ، وَكَانَ فِي زَمَنِ أَبِي عَلِيِّ عَبْدُ اللهِ بنِ (١) الوَلِيدِ، شَيْخِ المُعْتَزِلَةِ، يَجْلِسُ فِي مَجْلِسِهِ، وَيَلْعَنُ المُعْتَزِلَةَ.

وَخَرَجَ مَرَّةً فَلَقِيَ مُغَنِيَّةً قَدْ خَرَجَتْ مِنْ عِنْدِ تُرْكِيٍّ، فَقَبَضَ عَلَى عُوْدِهَا وَقَطَّعَ أَوْتَارَهَا، فَعَادَتْ إلَى التُّرْكِيِّ فَأَخْبَرَتْهُ، فَبَعَثَ مَنْ كَبَسَ دَارَ أَبِي سَعْدٍ، وَأُفْلِتَ، وَاجْتَمَعَ (٢) بِسَبَبِ ذَلِكَ الحَنَابِلَةُ، وَطَلَبُوا مِنَ الخَلِيْفَةِ إزَالَةَ المُنْكَرَاتِ كُلِّهَا، كَمَا سَبَقَ ذِكْرُ ذْلِكَ فِي تَرْجَمَةِ الشَّرِيْفِ أَبِي جَعْفَرٍ (٣)، وَكَانَ أَبُو سَعْدٍ يَعِظُ بِحَضْرَةِ الخَلِيْفَةِ المُسْتَظْهِرِ وَالمُلُوْكِ، وَقَالَ يَوْمًا لِلْمُسْتَظْهِرِ فِي وَعْظِهِ: أَهْوَنُ مَا عِنْدَهُ أَنْ يَجْعَلَ لَكَ أَبْوَابَ العِرْضِيِّ (٤) تَوَابِيْتَ وَوَعَظَ نِظَامَ المُلْكِ الوَزِيْرَ مَرَّةً بِجَامِعِ المَهْدِيِّ، فقَالَ: الحَمْدُ للهِ وَلِيِّ الإِنْعَامْ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى


(١) في (ط) بِطَبْعَتَيْهِ: "أَبِي عَلِيِّ بن الوَلِيْد" وَتَقَدَّمَ التَّعْرِيْفِ بِهِ في تَرْجَمَةِ الشَّرِيْفِ أَبِي جَعْفَرٍ.
(٢) في (أ) و (ب): "وَاحْتَجُّوا. .".
(٣) يُرَاجَعُ ص (٣٦).
(٤) في (ط) بطبعتيه و (هـ): "العراض".