للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَيَسْقُطُ بَاقِي حُقُوْقِهِمْ. وَإِنِ اخْتَارَ بَعْضُهُمْ القَوَدَ وَبَعْضُهُمُ الدِّيَةَ قُتِلَ لِمُخْتَارِ القَوَدِ، وَأُخِذَ مِنْ مَالِهِ الدِّيَةَ لِطَالِبِهَا، وَأَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عَلَى ذلِكَ فِي رِوَايَةِ المَيْمُونيِّ (١) وَذَكَرَهُ الخِرَقِيُّ فِي "مُخْتَصَرِهِ" قَالَ: وَيَتَخَرَّجُ لَنَا كَقَوْلِ أَبِي حَنِيْفَةَ وَمَالِكٍ: يُقْتَلُ لِلْجَمِيْعِ، وَلَيْسَ لَهُمْ غَيْرُ ذلِكَ، عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُوْلُ: لَا يَثْبُتُ بِقَتْلِ العَمْدِ غَيْرُ القَوَدِ، ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ المَسْأَلَةِ: هَذَا الفَصْلُ مُشْكَلٌ عَلَى قَوْلِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللهُ -؛ لِأَنَّهُ إِنْ قَالَ: حُقُوْقُ الجَمِيْعِ تَسَاوَتْ، فَإِذَا طَلَبُوا القَتْلَ لَيْسَ لَهُمْ غَيْرُهُ، وَعَلَّلَ بِأَنَّهُمْ أَخَذُوا بَعْضَ حُقُوقِهِمْ، وَسَقَطَ بَعْضُهَا، فَقَدْ قَالَ: بِأَنَّ القِصَاصَ يَتَبَعَّضِ فِي الاسْتِيْفَاءِ وَالإِسْقَاطِ، وَهَذَا بَعِيْدٌ، فَإِنَّهُ لَوْ قتَلَ رَجُلٌ رَجُلَيْنِ، فَقَالَ وَلِيُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: قَدْ عَفَوْتُ لَكَ عَنْ نِصفِ القِصَاصِ، وَلكِنْ قَدْ بَقِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا النِّصْفُ فَيَسْتَحِقَّ قَتْلُكَ بِهِ: لَمْ يَجُزْ لَهُمْ ذلِكَ، وَسَقَطَ حَقُّهُمْ مِنَ القِصَاصِ، وَلَوْ كَانَ يَتَبَعَّضُ لَثَبَتَ ذلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِالتَّبْعِيْضِ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ: أَخَذَ بَعْضَ الحَقِّ وَأَسْقَطَ بَعْضَهُ، وَاقْتَضَى أَنْ يَقُوْلَ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيْفَةَ، وَأَنَّهُ يُقْتَلُ لِلْجَمِيْعِ، لِأَنَّ دَمَهُ يُسَاوِيْ دَمَ الجَمِيْعِ، أَوْ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَحَلٌّ يُسْتَوْفَى مِنْهُ، أَوْ يَقُوْلُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: يُقْتَلُ بِالأَوَّلِ، أَوْ بِمَنْ تُخْرِجُهُ القُرْعَةُ، وَتُؤْخَذُ الدِّيَاتُ لِلْبَاقِيْنَ.

وَالَّذِي يَتَحَقَّقُ عِنْدِي أَنَّهُ يُقْتَلُ لِلْجَمِيْعِ وَتُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ دِيَاتُ الجَمِيْعِ تُقْسِمُ بَيْنَهُمْ، كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيْفَةِ: إِذَا قَطَعَ يَمِيْنَيْ رَجُلَيْنِ فَيُقْطَعُ لَهُمَا،


(١) عَبْدُ المَلِكِ بنُ عَبدِ الحَمِيْدِ (ت: ٢٧٤ هـ) أَخْبَارُهُ وَتَخْرِيْجُ تَرْجَمَتِهِ فِي الطَّبقَاتِ (٢/ ٩٢).