للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ، وَقَامَ بِكُلِّ مَؤُوْنَتِي وَتَحَمُّلِي، فَقُمْتُ مِنَ الحَلْقَةِ أَتَتَبَّعُ حِلْقَ العُلَمَاءِ لِتَلَقُّطِ الفَوائِدِ.

وَأَمَّا أَهْلُ بَيْتِي فَإِنَّ بَيْتَ أَبِي كُلُّهُمْ أَرْبَابُ أَقْلَامٍ، وَكِتَابَةٍ، وَشِعْرٍ، وَآدَابٍ، وَكَانَ جَدِّي مُحَمَّدُ بنُ عَقِيْلٍ كَاتِبُ حَضْرَةِ بَهَاءِ الدَّوْلَةِ، وَهُوَ المُنْشِيءُ لِرِسَالَةِ "عَزْلِ الطَّايِعِ وَتَوْلِيَةِ القَادِرِ" (١)، وَوَالِدِي أَنْظَرُ النَّاسَ وَأَحْسَنُهُمْ جزْلًا (٢) وَعِلْمًا. وَبَيْتُ أُمِّي (٣) بَيْتُ الزُّهْرِيِّ صَاحِبِ الكَلَامِ وَالدَّرْسِ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيْفَةَ. وَعَانَيْتُ مِنَ الفَقْرِ، وَالنَّسْخِ بِالأُجْرَةِ، مَعَ عِفَّةٍ وَتُقًى (٤). وَلَا أُزَاحِمُ فَقِيْهًا فِي حَلْقَةٍ، وَلَا تَطْلُبُ نَفْسِي رُتْبَةً مِنْ رُتَبِ أَهْلِ العِلْمِ القَاطِعَةِ لِي عَنِ الفَائِدَةِ. وَتَقَلَّبَتْ (٥) عَلَيَّ الدُّوَلُ فَمَا أَخَذَتْنِي دَوْلَةُ سُلْطَانٍ، وَلَا عَامَّةَ عَمَّا أَعْتَقِدُهُ أَنَّهُ الحَقُّ، فَأُوْذِيْتُ مِنْ أَصْحَابِي حَتَّى طُلِبَ الدَّمُ، وَأُوْذِيْتُ فِي دَوْلَةِ النِّظَامِ بِالطَّلَبِ وَالحَبْسِ - فَيَا مَنْ خِفْتُ الكُلَّ لأَجْلِهِ لَا تُخَيِّبْ ظَنِّي فِيْكَ - وَعَصَمَنِي اللهُ تَعَالَى فِي عُنْفُوانِ شَبَابِي بِأَنْوَاعٍ مِنَ العِصْمَةِ، وَقَصَرَ مَحَبَّتِي


(١) تَقَدَّمَ في نَصِّ الحَافِظِ السِّلَفِيِّ أَنَّهَا عِنْدَهُ بِخَطِّ جَدِّهِ.
(٢) هكَذَا في الأُصُوْلِ كُلِّهَا: "جزلًا" وَأَشَارَ مُحَقِّقَا الجُزْءِ الأَوَّلِ الكِتَابِ: الدُّكتور هَنري لاووست، وَالدُّكتور سَامِي الدَّهَّان إِلَى أَنَّ في "المُنْتَظَم": "جدلًا" وَلَعَلَّهَا أَقربُ إِلَى الصَّوَابِ.
(٣) كَذَا في (أ) و (د) وفي بَقِيَّةِ النُّسَخِ وَ"مُخْتَصَر ابنِ نَصْرِ اللهِ": "أبي" وَكَتَبَ فَوْقَهَا ابنُ نَصْرِ اللهِ (كَذَا) وَمَا أَثْبَتُّهُ يؤيِّدُهُ مَا جَاءَ في "المُنْتَظَمِ" وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ أَيْضًا، ويَبْدُو أَنَّ "أبي" سَبْقُ قَلَمٍ، ثُمَّ جَرَى عَلَيْهَا النُّسَّاخُ.
(٤) لَيْتَهُ لَمْ يَقُلْ ذلِكَ؛ لأنَّ فِيْه تَزْكِيَةَ النَّفْسِ؟! وَإِنْ كَانَ مِنَ التَّحَدُّثِ بِنِعْمَةِ اللهِ.
(٥) في (أ): "تقلَّب".