للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "حَرَّانَ". وَرَثَاهُ الإمَامُ فَخْرُ الدِّيْنِ بنُ تَيْمِيَّةَ (١) وَهُوَ يَوْمَئِذٍ شَابٌّ لَهُ دُوْنَ العِشْرِيْنِ بِقَصِيْدَةٍ وَهِيَ:

قَدْ زَادَنِي حَزَنِي وَاسْتَمْكَنَتْ عِلَلِي … لَمَّا رَحَلْتَ عَنِ الإِخْوَانِ يَا أَمَلِي

يَا عَالِمًا أَوْحَشَ الدُّنْيَا بِغَيْبَتِهِ … لَا صُنْعَ لِي فِي قَضَاءِ اللهِ وَالأَجَلِ

يَا أَهْلَ حَرَّانَ وَالَهْفِي وَوَا أَسَفِي … عَلَى فِرَاقِ ابنِ عَبْدُوْسِ الفَقِيْهِ عَلِي

وَا حَسْرَتَاهُ عَلَى زَيْنِ الزَّمانِ وَمَنْ … كَانَتْ عَقِيْدَتُهُ بِالقَوْلِ وَالعَمَلِ

يَا قَوْمُ مَا الصُّنْعُ مِنْ بَعْدَ الفِرَاقِ لَهُ … لَا صُنْعَ لِلْعَبْدِ فِي شَيْءٍ مِنَ الحِيَلِ

كَانَ الفَقِيْهُ عَلِيٌّ عَالِمًا وَرِعًا … وَكَانَ مَسْلَكُهُ فِي أَحْسَنِ السُّبُلِ

كَانَ الفَقِيْهُ عَلِيٌّ فَوْقَ مَنْبَرِهِ … مِثْلَ العَرُوْسِ تُرَى فِي أَحْسَنِ الحُلَلِ

كَانَ الفَقِيْهُ عَلِيٌّ غَيْرَ مُبْتَدِعٍ … بَلْ كَانَ فِي دِيْنِهِ كَالفَارِسِ البَطَلِ

يَقُوْلُ إِنَّ كَلَامَ اللهِ ذُو قِدَمٍ … حَرْفٌ وَصَوْتٌ عَلَى التَّحْقِيْقِ كَيْفَ تُلِي

كَانَ الفَقِيْهُ عَلِيٌّ دَائِمًا أَبَدًا … بِذِكْرِ (٢) مَوْلَاهُ ذَا خَوْفٍ وَذَا وَجَلِ

وَرُوْحُهُ قُبِضَتْ فِي لَيْلَةٍ شَرُفَتْ … يَحْظَى بِهَا كُلُّ مَحْبُوْبٍ وَكُلُّ وَلِي

أَبْكَى عُيُوْنَ الوَرَى حُزْنًا لِفُرْقَتِهِ … وَأَرْسَلَ الدَّمْعَ يَا رُوْحِي مِنَ المُقَلِ

بَكَتْ عَلَيْهِ عُيُوْنُ النَّاسِ كُلِّهِمُ … وَأَوْحَشَ الكُلَّ مِنْ سَهْلٍ وَمِنْ جَبَلِ

بَكَتْ عَلَيْهِ الزَّوَايَا الخَالِيَاتِ كَمَا … قَدْ كَانَ يُؤْنِسُهَا مِنْ غَيْرِ مَا مَلَلِ

بَكَتْ دَفَاتِرُهُ حُزْنًا لَهُ وَأَسًى … لأَنَّهُ كَانَ عَنْهَا غَيْرَ مُشْتَغِلِ


(١) هُوَ مُحَمَّدُ بنُ الخَضِرِ بنُ مُحَمَّدِ (ت: ٦٢٢ هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ.
(٢) في (ط): "يذكر".