للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الدِّينِ وَقَالَ يَوْمًا: لَا تَقُوْلُوا فِي أَلْقَابِي سَيِّدُ الوُزَرَاءِ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى سَمَّى هَارُونَ وَزِيرًا (١)، وَجَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - (٢): "أَنَّ وَزِيرَيْهِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ: جِبْريلُ وَمِيْكَائِيلُ، وَمِنْ أَهْلِ الأَرْضِ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ"، وَجَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ (٣): "إِنَّ اللهَ اخْتَارَنِي، وَاخْتَارَ لِي أَصْحَابًا، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ وَأَنْصَارًا"، وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُقَالَ عَنِّي: أَنِّي سَيِّدُ هَؤُلَاءِ السَّادَةِ.

قالَ صَاحِبُ سِيْرَتِهِ: رَكَبَ الوَزِيْرُ إِلَى دَارِهِ مُجَاوِرَةَ الدِّيْوَانِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ جَمِيْعُ مَنْ حَضَرَ مِنْ أَرْبَابِ الدَّوْلَةِ، وَأَصْحَابِ المَنَاصِبِ وَالأُمَرَاءِ وَالحُجَّابِ، وَالصُّدُوْرِ وَالأَعْيَانِ، وَقَدْ أَخَذَ قَوْسَ الخِلَافَةِ بَارِيْهَا، وَاسْتَقَرَّتْ الوِزَارَةُ فِي كُفْئِهَا (٤) وَكَافِيْهَا، فَقَامَ فِيْهَا قِيَامَ مَنْ عَدَّلَهُ الزَّمَانُ بِثَقَافِهِ، وَزيَّنَهُ الكَمَالُ بِأَوْصَافِهِ، وَدبَّرَهَا بِجُوْدِهِ وَنُهَاهُ، وَأَوْرَدَ الأَمَلُ فِيْهَا مُنَاهُ، وَمَدَّ الدِّيْنُ رُوَاقَهُ، وَأَمِنَ بَدْرُهُ بِهِ مُحَاقَهُ (٥)، فَأَقَامَ سُوْقَ الخِلَافَةِ عَلَى سَاقِهَا، وَابْتَدَعَ فِي انْتِظَامِ


(١) قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (٣٥)} [الفرقان].
(٢) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ رقم (٣٦٨٠) في "المَناقِبِ" مِنْ حَديثِ أَبِي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَلَهُ وَزِيْرَانَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَوَزِيْرَاي مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ فَأَبُو بَكرٍ وَعُمَرَ" وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ، أَقُوْلُ: وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَلكِنْ لَهُ طُرُقٌ وَشَوَاهدُ فَهُوَ بِهَا حَسَنٌ لِغَيْرِهِ. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(٣) رَوَاهُ ابنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي السُّنَّةِ رقم (١٠٠٠) وَإِسْنَاده ضَعِيْفٌ. عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ" أَيْضًا.
(٤) في (ط): "كفَؤها".
(٥) المَحَاقُ وَالمُحَاقُ: آخِرُ الشَّهْرِ إِذَا مَحَقَ الهِلَالُ فَلَمْ يُرَ.