للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

دَخَلَ فِي الخِدَمِ السُّلْطَانِيَّةِ، فَوَلِيَ أَعْمَالًا (١)، ثُمَّ جَعَلَهُ المُقْتَفِي لِأَمْرِ اللهِ مُشْرِفًا فِي المَخْزَنِ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى كِتَابَةِ دِيْوَانِ الزِّمَامِ. ثُمَّ ظَهَرَ لِلْمُقْتَفِي كَفَاءَتُهُ، وَشَهَامَتُهُ، وَأَمَانَتُهُ، وَنُصْحُهُ، وَقِيَامُهُ فِي مَهَامِّ المُلْكِ، فَاسْتَدْعَاهُ المُقْتَفِي سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمَائَةَ إِلَى دَارِهِ، وَقَلَّدَهُ الوِزَارَةَ (٢)، وَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَخَرَجَ فِي أُبَّهَةٍ عَظِيْمَةٍ، وَمَشَى أَرْبَابُ الدَّوْلَةِ وَأَصْحَابُ المَنَاصِبِ كُلُّهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ رَاكِبٌ إِلَى الإِيْوَانِ فِي الدِّيْوَانِ، وَحَضَرَ القُرَّاءُ وَالشُّعَرَاءُ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، وَقُرِئَ عَهْدُهُ، وَكَانَ تَقْلِيدًا عَظِيمًا، بُوْلِغَ فِيْهِ؛ بِمَدْحِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ إِلَى الغَايَةِ، وَخُوْطِبَ فِيهِ بِـ "الوَزِيْرِ، العَالِمِ، العَادِلِ، عَوْنِ الدِّينِ، جَلَالِ الإِسْلَامِ، صَفِيِّ الإِمَامِ، شَرَفِ الأَنَامِ، مُعِزِّ الدَّوْلَةِ، مُجِيْرِ المِلَّةِ، عِمَادِ الأُمَّةِ، مُصْطَفَى الخِلَافَةِ، تَاجِ المُلُوكِ وَالسَّلَاطِينِ، صَدْرِ الشَّرْقِ وَالغَرْبِ، سَيِّدِ الوُزَرَاءِ، ظَهِيرِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (٣). وَكَانَ الوَزِيرُ قَبْلَ وِزَارَتِهِ يُلَقَّبُ "جَلَالَ


= فَسَأَلَنِي أَنْ آخُذَ مِنْهُ نِصْفَهُ، فَقُلْتُ: لا وَاللهِ لا يَصْحَبُنِي مِنْهُ شَيْءٌ. ثُمَّ صَعَدْتُّ إِلَى دَارِ الخَلِيْفَةِ وَكَتَبْتُ قِصَّةً فَوَقَّعَ لِي بمَشَارَفَةِ بَيْتِ المَالِ، ثُمَّ تَنَقَّلْتُ حَتَّى صِرْتُ إِلَى الوِزَارَةِ". وَهَذِهِ الحِكَايَةُ فِي وَفَيَاتِ الأَعْيَانِ (٦/ ٢٣٩). وَلَا يَخْفَى مَا فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ القَبْرِ مِنَ الابْتِدَاعِ؟!
(١) قَالَ القَاضِي شَمْسُ الدِّينِ ابنُ خِلَّكَان: "وأَوَّلُ وِلَايَتِهِ الإِشْرَافُ بِالأَقْرِحَةِ الغَرْبِيَّةِ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى الإِشْرَافِ عَلَى الإِقَامَاتِ المَخْزَنِيَّةِ، ثُمَّ قُلِّدَ الإِشْرَافَ بِالمَخْزَنِ، وَلَمْ يَطُلْ فِي ذلِكَ مُكْثُهُ حَتَّى قُلِّدَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ كِتَابَةَ دِيْوَانِ الزِّمَامِ، ثُمَّ تَرَقَّى إِلَى الوِزَارَةِ".
(٢) سَبَبُ تَولِّيْهِ الوِزَارَةَ فِي "وَفَيَاتِ الأَعيان" بِرِوَايَاتٍ مُخْتلفَةٍ، تُرَاجَعُ هُنَاكَ.
(٣) وَمِن أَلْقَابِهِ: "فَلَكُ الجُيُوشِ" كَمَا فِي مَجْمَعِ الآدَابِ لابنِ الفُوَطِيِّ (٣/ ٢٩١).