(٢) نَقَلَ شَمْسُ الدِّين ابنُ طُوْلُوْنَ فِي كِتَابِهِ: إِنْبَاءِ الأُمَرَاءِ بِأَنْبَاءِ الوُزَرَاء (٥٦) قَالَ: "حَكَى عَوْنُ الدِّيْنِ المَذْكُوْرُ قَالَ: ضَاقَ حَالِي قَبْلَ الوِزَارَةِ وَأَصَابَنِي فَاقَةٌ عَظِيْمَةٌ حَتَّى عَدِمْتُ القُوْتَ أَيَّامًا، فَأَشَارَ عَلَىَّ بَعْضُ أَصْحَابِي أَنْ أَسْأَلَ اللهَ عِنْدَ قَبْرِ الشَّيْخِ مَعْرُوْفٍ الكَرْخِيِّ؟! فَتَوَضَّأْتُ وَجِئْتُ إِلَى قَبْرِهِ فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْن، وَدَعَوْتُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى "بَغْدَادَ" فَمَرَرْتُ بِمَسْجِدٍ مَهْجُوْرٍ فَدَخَلْتُ لأُصَلِّيَ فِيْهِ رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا مَرِيْضٌ مُلْقًى عَلَى حَصِيْرٍ، فَجَلَسْتُ عِنْدَ رَأْسِهِ وَوَانَسْتُهْ بِالحَدِيْثِ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: مَا تَشْتَهِي فَقَالَ: سَفَرْجَلٌ، فَخَرَجْتُ إِلَى بَقَّالٍ هُنَاكَ فَرَهَنْتُ مِئْزَرِي عَلَى سَفَرْجَلَتَيْنِ وَتُفَّاحَةٍ وَأَتَيْتُهُ بِهِنَّ، فَأَكَلَ مِنَ السَّفَرْجَلِ ثُمَّ قَالَ: أَغْلِقِ البَابَ، فَغَلَقْتُ البَابَ، فَقَامَ عَنِ الحَصِيْرِ وَقَالَ: احْفُرْ هُنَا، فَحَفَرْتُ، فَطَلَعَ كُوْزٌ مَلآنٌ مِنْ ذَهَبٍ فِيْهِ خَمْسُمَائَةِ دِيْنَارٍ، وَقَالَ لِيْ: خُذْهَا أَنْتَ أَحَقُّ بِهَا، فَأَخَذْتُهَا، وَقُلْتُ لَهُ: أَمَا لَكَ وَارِثٌ؟ فَقَالَ: كَانَ لِي أَخٌ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ، عَهْدِي بِهِ بَعِيْدٌ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّهُ مَاتَ، فَقُلْتُ: وَمَا اسْمُكَ أَنْتَ؟ فَقَالَ: عَبْدُ اللهِ، وَأَنَا مِنَ "الرُّصَافَةِ"، فَبَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُنِي وَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ. فَغَسَّلْتُهُ، وَكَفَّنْتُهُ، وَصَلَّيْتُ عَلَيْهِ، وَجِئْتُ لأدْخُلَ "بَغْدَادَ" فَلَمَّا قَصَدْتُ الرُّكُوْبَ فِي "الدِّجْلَةِ" إِذَا بِمَلَّاحٍ فِي سَفِيْنَةٍ عَتِيْقَةٍ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ رَثَّةٌ، فَقَالَ لِي: يَا سَيِّدِي مَعِي مَعِي، فَنَزَلْتُ مَعَهُ، فَإِذَا هُوَ أَشْبَهُ بِذلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي مَاتَ، فَقُلْتُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ فَقَالَ: مِنَ "الرُّصَافَةِ"، فَقُلْتُ: وَمَا اسْمُكَ؟ فَقَالَ: مُحَمَّدٌ، وَأَنَا صُعْلُوْكٌ وَعِنْدِي عَائِلَةٌ كِثيْرَةٌ، وَقَدْ سَاءَتْ حَالَتُنَا مِنَ الفَقْرِ، فَقُلْتُ: أَمَا لَكَ أَحَدٌ؟ فَقَالَ: كَانَ لِيَ أَخٌ اسْمُهُ عَبْدُ اللهِ، وَعَهْدِي بِهِ بَعِيْدٌ، وَمَا أَدْرِي مَا فَعَلَ اللهُ بِهِ. فَقُلْتُ لَهُ: ابْسُطْ حِجْرِكَ فَصَبَبْتُ لَهُ الذَّهَبَ فِي حِجْرِهِ فَبُهِتَ الرَّجُلُ، فَحَدَّثْتُهُ الحَدِيْثَ =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute