الصَّدْرِ، وَكَانَ مِلْءَ العَيْنِ، وَجَمَعَ اللهُ فِيْهِ أَوْصَافًا جَمِيْلَةً، وَأَحْوَالًا عَزِيْزَةً، وَمَا رَأَيْتُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ. وَذَكَرَ فِيْهِ أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوَسَى بنِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَقَالَ: سَمِعْتُ: وَالِدِي يَقُوْلُ: خَرَجْتُ فِي بَعْضِ سِيَاحَاتِي إِلَى البَرِّيَّةِ، وَمَكَثْتُ أَيَّامًا لَا أَجِدُ مَاءً، فَاشْتَدَّ بِي العَطَشُ، فَأَظَلَّتْنِي سَحَابَةٌ، وَنَزَلَ عَلَيَّ مِنْهَا شَيْءٌ يُشْبِهُ النَّدَى، فَتَرَوَّيْتُ بِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ نُوْرًا أَضَاءَ بِهِ الأُفُقَ، وَبَدَتْ لِي صُوْرَةٌ، وَنُوْدِيْتُ مِنْهَا: يَا عَبْدَ القَادِرِ أَنَا رَبُّكَ، وَقَدْ أَحْلَلْتُ لَكَ المُحَرَّمَاتُ - أَوْ قَالَ: مَا حَرَّمْتُ عَلَى غَيْرِكَ - فَقُلْتُ: أَعُوْذُ بِاللهِ مِن الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ، اخْسَأْ يَا لَعِيْنُ، فَإِذَا ذلِكَ النُّوْرُ ظَلَامٌ، وَتِلْكَ الصُّوْرَةُ دُخَانٌ، ثُمَّ خَاطَبَنِي وَقَال: يَا عَبْدَ القَادِرِ، نَجَوْتَ مِنِّي بِعِلْمِكَ بِحُكْمِ رَبِّكَ، وَفِقْهِكَ فِي أَحْوَالِ مُنَازَلَاتِكَ، وَلَقَدْ أَضْلَلْتُ بِمِثْلِ هَذِهِ الوَاقِعَةِ سَبْعِيْنَ مِنْ أَهْلِ الطَّرِيْقِ، فَقُلْتُ: لِرَبِّي الفَضْلُ وَالمِنَّةُ، قَالَ: فَقِيْلَ لَهُ: كَيْفَ عَلِمْتَ أَنَّهُ شَيْطَانٌ؟ قَالَ: بِقَوْلِهِ: "وَقَدْ أَحْلَلْتُ لَكَ المُحَرَّمَاتِ"، وَهَذِهِ الحِكَايَةُ مَشْهُوْرَةٌ عَنِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، فَلَيْسَ الاعْتِمَادُ فِيْهَا عَلى نَقْلِ مُصَنِّفِ هَذَا الكِتَابِ.
وَذَكَرَ فِي هَذَا الكِتَابِ أَيْضًا مِنْ طَرِيْقِ نَصْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ عَبْدِ القَادِرِ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَتْ فُتْيَا مِنَ العَجَمِ إِلَى "بَغْدَادَ" بَعْدَ أَنْ عُرِضَتْ عَلَى عُلَمَاءِ العِرَاقَيْنِ (١)، فَلَمْ يَتَّضِحْ لأَحَدٍ فِيْهَا جَوَابٌ شَافٍ، وَصُوْرَتُهَا: مَا يَقُوْلُ السَّادَةُ العُلَمَاءُ فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْبُدَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادَةً
(١) فِي (ط): "العِرَاقِيِّين" عَلَى الجَمْعِ، وَالصَّحِيْحُ المُثْبَتُ عَلَى التَّثْنِيَةِ، وَالمَقْصُوْدُ عِرَاقُ العَرَبِ، وَعِرَاقُ العَجَمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute