للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَتَزَاحَمُونَ عَلَيْهِ فَأتْرُكَهُ حَياءً (١)، فَرَجَعْتُ أَمْشِي وَسْطَ البَلَدِ، فَلَا أُدْرِكُ مَنْبُوْذًا إِلَّا وَقَدْ سُبِقْتُ إِلَيْهِ، حَتَّى وَصَلْتُ إِلَى مَسْجِدِ يَانِس (٢) بِسُوْقِ الرَّيَاحِيْنَ (٣) بِـ "بَغْدَادَ" وَقَدْ أَجْهَدَنِي الضَّعْفُ، وَعَجَزْتُ عَنِ التَّمَاسُكِ، فَدَخَلتُ إِلَيْهِ وَقَعَدْتُ فِي جَانِبٍ مِنْهُ، وَقَدْ كِدْتُ أُصَافِحُ المَوْتَ، إِذْ دَخَلَ شَابٌّ أَعْجَمِيٌّ وَمَعَهُ خُبْزٌ صَافِي (٤) وَشِوَاءٌ، وَجَلَسَ يَأْكُلُ، فَكُنْتُ أَكَادُ كُلَّمَا رَفَعَ يَدَهُ بِاللُّقْمَةِ أَنْ أَفْتَحَ (٥) فَمِي مِنْ شِدَّةِ الجُوعِ، حَتَّى أَنكَرْتُ ذلِكَ عَلَى نَفْسِي، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ وَقُلْتُ: مَا هَهُنَا إِلَّا اللهُ، أَوْ مَا قَضَاهُ مِنَ المَوْتِ، إِذْ التَفَتَ إِليَّ العَجَمِيُّ فَرَآنِي، فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ يَا أَخِي، فَأَبَيْتُ فَأَقْسَمَ عَلَيَّ فَبَادَرَتْ نَفْسِي فَخَالفْتُهَا، فَأَقْسَمَ أَيْضًا، فَأَجَبْتُهُ، فَأَكَلْتُ مُتَقَاصِرًا، فَأَخَذَ يَسْأَلُنِي: مَا شُغْلُكَ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ وَبِمَنْ تَعْرِفُ؟ فَقُلْتُ: أَنَا مُتَفَقِّهٌ مِنْ "جِيْلَانَ" فَقَالَ: وَأَنَا مِنْ "جِيْلَانَ" فَهَلْ تَعْرِفُ شَابًّا جِيلَانِيًّا يُسَمَّى عَبْدَ القَادِرِ، يُعْرَفُ بِسَبْطِ أَبِي عَبْدِ اللهِ الصَّوْمَعِيِّ الزَّاهِدِ؟ فَقُلْتُ: أَنَا هُوَ، فَاضْطَرَبَ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، وَقَالَ: وَاللهِ لَقَدْ وَصَلْتُ إِلَى "بَغْدَادَ" وَمَعِي بَقِيَّةُ نَفَقَةٍ لِيْ، فَسَأَلْتُ عَنْكَ فَلَمْ يُرْشِدْنِي أَحَدٌ، وَنَفِذَتْ


(١) في (ط): "حُبًا".
(٢) في (ط): "مسجد ياسين" خَطَأٌ ظَاهِرٌ، وَقَدْ ذَكَرَهُ المُحَقِّقُ عَلَى الوَجْهِ الصَّحِيْحِ فِي تَرْجَمَةِ مَحْمُوْدِ بنِ عَلِيٍّ الدَّقُوقِيِّ (ت: ٧٣٣ هـ)، وَتَرْجَمَةِ عَبْدِ الصَّمَدِ بنِ عَلِيٍّ الخُضَرِيِّ (ت: ٧٦٥ هـ)، وَتَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بنِ مَحْمُوْدٍ المُقْرِئ (ت: ٧٦٦ هـ). الَّذِي ذَكرَهُمَا اسْتِطْرَادًا.
(٣) في (ط): "الرَّيْحَانِيِّن" وانظر خَبَرَ احْتِراقِ السُّوْقِ في حَوادِت (٥١٢) في كتُبِ التَّوَارِيْخِ.
(٤) كَذَا فِي الأُصُوْلِ؟! بِإِثْبَاتِ اليَاءِ.
(٥) هكَذَا: "أَنْ أَفْتَحَ" وَخَبَرُ "كَادَ" لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِ "أَنْ" عَلَى الصَّحِيْحِ؟!.