للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشَّيْخِ تَاجِ الدِّيْنِ أَبِي اليُمَنِ زَيْدٍ (١) سَمِعَ بِـ "بَغْدَاد" (٢)، وقَرَأَ، وَكَتَبَ الطِّبَاقَ بِخَطِّهِ عَلَى يَحْيَى بنِ البَنَّاءِ (٣) وَغَيْرِهِ، وَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي أَنِّي وَقَفْتُ عَلَى قِرَاءَتِهِ لِـ "الهِدَايَةِ" عَلَى الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَقَرَأَ النَّحْوَ وَاللُّغَةَ عَلَى ابنِ الجَوَالِيْقِيِّ، ثُمَّ قَدِمَ "دِمَشْقَ"، وَأَدْرَكَ شَرَفَ الإِسْلَامِ ابنَ الحَنْبَلِيِّ وَصَحِبَهُ، وَكَانَ فَاضِلًا، أَدِيْبًا، حَسَنَ الخَطِّ، كَتَبَ بِخَطِّهِ كَثِيْرًا مِنْ الأَدَبِ، وَمِنْ دَوَاوِيْنَ العَرَبِ، وَحَظِيَ عِنْدَ السُّلْطَانِ نُوْرِ الدِّيْنِ.

قَرَأْتُ بِخَطِّ أَبِي الفَرَجِ بنِ الحَنْبَلِيِّ: كَانَ عَارِفًا بِالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ، قِيْلَ: كَانَ أَعْلَمَ بِهَا مِنْ ابنِ عَمِّهِ أَبِي اليُمَنِ، وَيَقُوْلُ الشِّعْرَ، وَهُوَ حَنْبَلِيُّ، مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَكَتَبَ مِنَ الرَّقَائِقِ (٤) وَالكَلَامِ الوَعْظِيِّ الكَثِيْرَ، وَطَلَبَ مِنْ شَرَفِ الإِسْلَامِ أَنْ يَجْلِسَ بِمَدْرَسَتِهِ لِلْوَعْظِ، فَأَذِنَ لهُ فِي ذلِكَ، فَغَلَبَهُ الحَيَاءُ، فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الإِيْرَادِ، ثُمَّ نَزَلَ وَتَرَكَ الوَعْظَ.

قُلْتُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ بِـ "دِمَشْقَ". وَمِنْ شِعْرِهِ:

هَتَكَ الدَّمْعُ بِصَوْتِ هَتِفٍ … كُلَّمَا أَضْمَرْتَ مِنْ سِرٍّ خَفِي


(١) قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ: "هُوَ الَّذِي أَفَادَ تَاجَ الدِّيْنِ، وَأَحْضَرَهُ مَجَالِسَ الأَدَبِ، وَحَثَّهُ مِنَ الصِّغَرِ عَلَى العِلْمِ". وَأَبُو اليَمَنِ زَيْدُ بنُ الحَسَنِ (ت: ٦١٣ هـ) كَانَ حَنْبَلِيًّا ثُمَّ تَحَوَّلَ حَنَفِيًّا.
(٢) أَصْلُهُ مِنْ بَلَدِ "الخَابُوْرِ" وَمَوْلِدُهُ بِـ "بَغْدَاد".
(٣) سَمِعَ الحَدِيْثَ مِنْ أبي البَرَكَاتِ هِبَةِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ البُخَارِيِّ، وَأَبي القَاسِمِ بنِ السَّمَرْقَنْدِيِّ" كَذَا في "تَكْمِلَةِ إِكْمَالِ الإِكْمَالِ" لابنِ الصَّابُونِيِّ.
(٤) في (ط): "الدَّقائق".