للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عُرِضَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: احْمِلُوا هَذَا المِيْزَانَ إِلَى المُحْتَسِبِ فَفِيْهِ عَيْنٌ.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ كَانَ يَوْمًا فِي دَارِهِ فِي وَقْتِ القَيْلُوْلَةِ وَالحَرِّ الشَّدِيْدِ وَقَدْ نَامَ، إِذْ طُرِقَ عَلَيْهِ البَابُ طَرْقًا مُزْعِجًا، فَانْتَبَهَ فَخَرَجَ مُبَادِرًا، وَإِذَا رَجُلَانِ مِنَ العَامَّةِ، قَالَ: مَا خَطْبُكُمَا؟ فَقَالَا: نَحْنُ شَاعِرَانِ، وَقَدْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا قَصِيْدَةً وَزَعَمَ أنَّهَا أَجْوَدُ مِنْ قَصِيْدَةِ صَاحِبِهِ، وَقَدْ رَضِيْنَا بِحُكْمِكَ، فَقَالَ: لِيَبْدَأَ أَحْدُكُمَا. قَالَ: فَأَنْشَدَ أَحَدُهُمَا قَصِيْدَتَهُ وَهُوَ مُصْغٍ إِلَيْهِ، حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، وَهُمْ الآخَرُ بِالإِنْشَادِ، فَقَالَ لَهُ ابنُ الخشَّابِ: عَلَى رِسْلِكَ، فَشِعْرُكَ أَجْوَدُ، فَقَالَ: كَيْفَ خَبَرْتَ شِعْرِي وَلَمْ تَسْمَعْهُ؟ فَقَالَ: لأَنَّهُ لَا يَكُوْنُ شَيْءٌ أَبْخَسَ مِنْ شِعْرِ هَذَا.

وَمِنْهَا: أَنَّ بَعْضَ المُعَلِّمِيْنَ كَانَ يَقْرأُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الأَدَبِ، فَجَاءَ فِيْهِ قَوْلُ العَجَّاجِ (١):


= ٦٣٧ هـ) وَغَيْرُهُ. وَقَوْلُ ابنِ الخَشَّابِ: "احْمِلُوا هَذا المِيْزَانَ إِلَى المُحْتَسِبِ" كَانَ الخُلَفَاءُ وَالأُمَرَاءُ وَالسَّلاطِينُ يَكِلُوْنَ تَفَقُّدَ المَوَازِيْنِ وَالمَكَايِيْلِ إِلَى رِجَالِ الحِسْبَةِ، وَهُمْ مَا يُعْرَفُ الآنَ عِنْدَنَا فِي المَمْلَكَةِ العَرَبِيَّةِ السُّعودِيَّةِ بِرِجَالِ هَيْئَةِ الأَمْرِ بالمَعْرُوْفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ. وَتَغْيِيْرُ المَكَايِيْلِ وَالمَوَازِيْنِ إِفْسَادٌ فِي الأَرْضِ، وَسَبَبٌ فِي مَنْعِ القَطْرِ؛ لأنَّ فيهَا بَخْسًا للنَّاسِ أَشْيَاءَهُمْ كَمَا جَاءَ فِي القُرآن الكَرِيم: {أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٨٥)} [هود] وَعَيْنُ المِيْزَانِ، وَلِسَانُهُ، وَقَلْبُهُ وَاحِدٌ، وَهِيَ الإِشَارَةُ الَّتِي تَدُلُّ علَى اعْتِدَالِهِ.
(١) رَاجِزٌ إِسْلَامِيُّ مَعْرُوْفٌ، والبَيْتَان في ديوانه (٣١٠).