وَمِمَّا يُنْسَبُ إِلَيْهِ قَصِيْدَةٌ نُونِيَّةٌ، مِنْهَا:
وَاذكُرْ إِذَا قُمْتَ يَوَمَ العَرْضِ مُنْتَفِضًا … مِنَ التُّرَابِ بِلَا قُطْنٍ وَلَا كَفَنِ
وَجِيءَ بِالنَّارِ قَدْ مُدَّ الصِّرَاطُ عَلَى … حَافَاتِهَا تَتَلَظَّى فِعْلَ مُغْتَبِنِ
وَتَنْشُرُ الصُّحْفُ فِيهَا كُلَّ مُحْتَقِبٍ … مِنَ المَخَازِي وَمَا قَدَّمْتَ مِنْ حَسَنِ
قَدْ كُنْتَ تَنْسَى وَتِلْكَ الصُّحْفُ مُحْصِيَةٌ … مَا كُنْتَ تَأْتِي وَلَمْ تُظْلَمْ وَلَمْ تُخَنِ
هُنَاكَ إِنْ كُنْتَ قَدْ قَدَّمْتَ مُدَّخَرًا … تُسْقَى مِنَ الحَوضِ مَاءٌ غَيْرُ ذِي أَسَنِ
عِنْدَ الجَزَاءِ تَعَضَّ الكَفَّ مِنْ نَدَمٍ … عَلَى تَخَطِّيْكَ فِي سِرٍّ وَفِي عَلَنِ
لَا تَرْكَنَنَّ إِلَى الدُّنْيَا فَفِي جَدَثٍ … يَكُوْنُ دَفْنُكَ بَيْنَ الطِّيْنِ وَاللَّبِنِ
وَاسْتَنَّ بِالسَّلَفِ المَاضِي وَكُنْ رَجُلًا … مبَرَّأً مِنْ دَوَاعِي الغَيِّ وَالفِتَنِ
وَدَعْ مَذَاهِبَ قَوْمٍ أَحْدَثَتْ إِثْمًا … فِيها خِلَافٌ عَلَى الآثَارِ وَالسُّنَنِ
قالَ ابنُ الجَوْزِيِّ: مَرِضَ ابنُ الخَشَّابِ نَحْوًا مِنْ عِشْريْنَ يَوْمًا، فَدَخَلَتْ عَليْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِيَوْمَيْنِ، وَقَدْ يَئِسَ مِنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ لِي: عِندَ اللهِ أَحتَسِبُ نَفْسِي.
وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الجُمُعَةِ ثَالِثَ رَمَضَانَ سَنَة سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِمَائَةَ. وَصُلِّيَ عَلَيْهِ عَلَى بَابِ جَامِعِ السُّلْطَانِ يَومَ السَّبْتِ، وَدُفِنَ بِمَقبَرَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ قَرِيْبًا مِنْ بِشْرٍ الحَافِي - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا -. وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ الجُبَّائِيُّ العَبْدُ الصَّالِحُ قَالَ: رَأَيْتُهُ فِي النَّوْمِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَيَّامٍ وَوَجْهُهُ يُضِيْءُ، فَقُلْتُ
= "تُحفَةِ الأَرِيْبِ" بِخَطِّهِ عَنْ خَطِّ ابنِ مَكْتُومٍ القَيْسِيِّ القَصِيْدَة بِأَكْمَلِهَا. وَيُقَالُ: "قَلَّ أَنْ تَجِدَ كِتَابًا تَمَلَّكَهُ ابنُ مَكْتُوْمٍ إِلَّا وَعَلَى غُلَافِهِ تَرْجَمَةٌ لِمُؤَلِّفِهِ بِخَطِّ ابنِ مكْتُومٍ. وَقَدْ رَأَيْتُ ذلِكَ كَثِيرًا، مِنْ ذلِكَ نُسْخَةُ مِن "المَحْصُولِ فِي شَرْحِ الفُضُوْلِ" لابنِ إِيَازٍ …