للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَعْمَلَ فِي مَحِلَّتِهِ (١) مُنْكَرًا وَلَا سَمَاعًا، وَكَانَ يُنْزِلُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَنْزِلَتَهُ، حَتَّى تَآلَفَتِ القُلُوْبُ عَلَى مَحبَّتِهِ، وَحَسُنَ الذِّكْرُ لَهُ فِي الآفَاقِ البَعِيْدَةِ، حَتَّى أَهْلِ "خُوَارَزْمَ" الَّذِيْنَ هُمْ مُعْتَزِلَةٌ مَعَ شِدَّتِهِ فِي الحَنْبَلِيَّةِ (٢)، وَكَانَ حَسَنَ الصَّلَاةِ، لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ مَشَايِخِنَا أَحْسَنَ صَلَاةً مِنْهُ. وَكَانَ مُشَدِّدًا فِي أَمْرِ الطَّهَارَةِ، لَا يَدَعُ أَحَدًا يَمَسُّ مَدَاسَهُ.

قُلْتُ: هَذِهِ زَلَّةٌ مِنْ عَالِمٍ. قَالَ: وَكَانَتْ ثِيَابُهُ قِصَارًا، وَأَكْمَامُهُ قِصَارًا، وَعِمَامَتُهُ نَحْوٌ مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ، وَكَانَتِ السُّنَّةُ شِعَارَهُ وَدِثَارَهُ، اعْتِقَادًا وَفِعْلًا، بِحَيْثُ إِنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ مَجْلِسَهُ رَجُلٌ، فَقَدَّمَ رِجْلُهُ اليُسْرَى، كَلَّفَهُ أَنْ يَرْجِعَ فَيُقَدِّمَ اليُمْنَى، وَلَا يَمَسُّ الأَجْزَاءَ إِلَّا عَلَى وُضُوْءٍ، وَلَا يَدَعُ شَيْئًا قَطُّ إِلَّا مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ تَعْظِيْمًا لَهَا، إِلَى أَنْ قَالَ: سَمِعْتُ مِنْ أَثِقُ بِهِ يَحْكِي. قَالَ: رَأَى السِّلَفِيُّ طَبَقَةً بِخَطِّ الحَافِظِ، فَقَالَ: هَذَا خَطُّ أَهْلِ الإِتْقَانِ، وَسَمِعْتُهُ يَحْكِي عَنْهُ أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ، فَقَالَ: قَدَّمَهُ دِيْنُهُ. قَالَ: وَسَمِعْتُ مَنْ أَثِقُ بِهِ يَحْكِي عَنْ أَبِي الحَسَنِ عَبْدِ الغَافِرِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الفَارِسِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِلحَافِظِ أَبي العَلَاءِ، لَمَّا دَخَلَ "نَيْسَابُوْرَ": مَا دَخَلَ "نَيْسَابُوْرَ" مِثْلَكَ. وَسَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا القَاسِمِ عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ هِبَةِ اللهِ يَقُوْلُ - وَذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ سَافَرَ فِي طَلَبِ الحَدِيْثِ - إِنْ رَجَعَ وَلَمْ يَلْقَ الحَافِظَ أَبَا العَلَاءِ ضَاعَتْ سَفْرَتُهُ. وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ، وَقَالَ القَاسِمُ بنُ


(١) في (ط) و (أ): "مَجْلِسِهِ".
(٢) في (ط): "الحنبلة" خطأ طباعة.