للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَحْمُودٌ يُقْبِلُ عَلَيْهِ، وَلَهُ فِيْهِ حُسْنُ ظَنٍّ (١)، وَكَانَ عِنْدَهُ وِسْوَاسٌ فِي الطَّهَارَةِ، وَرَحَلَ إِلَى "بَغْدَادَ" وَنَزَلَ بِمَدْرَسَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ، وَسَمِعَ دَرْسَهُ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَجَاءَ إِلَى "دِمَشْقَ" فِي حَوَائِجَ إِلَى نُوْرِ الدِّينِ، وَنَزَلَ عِنْدَنَا فِي المَدْرَسَةِ، وَأَضَافَهُ وَالِدِي.

وَقَالَ ابنُ حَمْدَانَ: كَانَ شَيْخَ "حَرَّانَ"، وَخَطِيْبَهَا وَمُدَرِّسَهَا، وَلأَجْلِهِ بُنِيَتْ المَدْرَسَةُ النُّوْرِيَّةِ بِـ "حَرَّانَ"، وَلَهُ "دِيْوَانُ خَطَبٍ". وَقِيْلَ: إِنَّ أَكْثَرَهَا كَانَ يَرْتَجِلُهَا إِذَا صَعِدَ إِلَى المِنْبَرِ، فَلَمَّا وَلَّاهُ السُّلْطَانُ نُوْرُ الدِّيْنِ الشَّهِيْدُ قَالَ: بِشَرْطِ أَنْ تَتْرُكَ المَظَالِمَ وَالضَّمَانَاتِ، وَتُوَرِّثَ ذَوِي الأَرْحَامِ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذلِكَ. وَكَانَ وَلَدُهُ الفَقِيْهُ إِلْيَاسَ إِذَا غَابَ عَنِ المَدْرَسَةِ يَوْمًا، لَا يُعْطِيْهِ خُبْزَهُ، وَيَقُوْلُ: هُوَ كَالمُسْتَأْجِرِ قَالَ: وَلَمْ يَأْخُذْ عَلَى نَظَرِهِ فِي الجَامِعِ وَأَوْقَافِهِ شَيْئًا، حَتَّى إِنَّ غُلَامَهُ اشْتَرَى نِجَارَةً (٢) كَمَا اشْتَرَاهُ العَوَامُّ مِنْ نِجَارَةِ الجَامِعِ


(١) قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ فِي "تَارِيْخِ الإِسْلَامِ": "قَرَأْتُ بِخَطِّ ابْنِ الحَاجِبِ قَالَ: ذَكَرَ لِي شَيْخُنَا عُمَرُ بنُ مُنَجَّى أَنَّهُ قَدِمَ "دِمَشْقَ" فِي دَوْلَةِ نُوْرِ الدِّيْنِ فَأَخَذَ وَالِدِي إِلَى "حَرَّانَ" قَالَ ابنُ الحَاجِبِ: وَذَكَرَ لِيْ عَدْلٌ حَرَّانِيٌّ أَنَّ ابنَ حَامِدٍ هَذَا كَانَ مِنْ أَعْيَانِ البَلَدِ، وَوَجَدَ مِنَ الجَاهِ فِي أَيَّامِ نُوْرِ الدِّيْنِ مَا لَا يَجِدُهُ غَيْرُهُ، وَاسْتَنَابَهُ فِي جَمِيْعِ أُمُوْرِ البَلَدِ، وَأَمَرَهُم أَنْ يَكْتُبُوا لَهُ تَوْقِيْعًا بِذلِكَ، فَلمَّا حَضَرَ عِنْدَ الدِّيْوَانِ وَرَأَوا بِزَّتَهُ وَسَمْتَهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَاذَا يَوْمُ مَعَاشٍ، ذَا يَوْمُ صَخْرَةٍ، فَفَهِمَ وَتَلَا: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ}، وتَبَسَّمَ، فَاسْتَحْيَوا".
(٢) في (ط): "تجارة" و"من تجارة" وَيُصَحِّحه مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: فَلَمْ يَأْكُلْ مَا خُبِزَ فِي بَيْتِهِ"؛ لأَنَّ نِجَارَةَ الخَشَبِ مِمَّا يُوْقَدُ بِهِ؛ لأَنَّهُ كَانَ يَخْشَى أَنْ يُتَّهَمَ أَنَّهُ جَامَلَ غُلَامَهُ فِي =