للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هَذَا الحَدِّ فِي الصَّلَاةِ، دَلَّ بِفِعْلهِ عَلَى عَدَاوَتِهِ، وَاللهُ يَغْفِرُ لَهُمَا.

قُلْتُ: هَذَا مِنْ أَسْهَلِ مَا أَنْكَرَهُ ابنُ الجَوْزِيِّ عَلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَتَأَمَّلُهُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَكُوْنُ فِي أَوْقَاتٍ إِلَى جَانِبِهِ، فَلَا أَرَى شَفَتَهُ (١) تَتَحَرَّكُ أَصْلًا، لَمْ يَقُلْ: لَمْ أَسْمَعَهُ يَقْرَأُ.

وَأَمَّا الفُتْيَا الَّتِي عَرَفَهُ الوَزِيْرُ بِسَبَبِهَا، فَقَدْ ذَكَرَهَا يَاقُوْتٌ الحَمَوِيُّ فِي كِتَابِهِ قَالَ: جَرَى بَيْنَ (٢) الوَزِيْرِ أَبِي الفَرَجِ ابنِ رَئِيْسِ الرُّؤسَاءِ وَزِيْرُ المُسْتَضِيءُ مَسْأَلَةً فِي العِلْمِ: هَلْ هُوَ وَاحِدٌ، أَمْ أَكْثَرُ، وَكَانَ عِنْدَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، كَابْنِ الجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ، فَسَأَلَهُمْ عَنْ ذلِكَ؟ فَكُلٌّ كَتَبَ بِخَطِّهِ: إِنَّ العِلْمَ وَاحِدٌ، فَلَمَّا فَرَغُوا، قَالَ: تُرَى هَهُنَا مَنْ هُوَ قَيِّمٌ بِهَذَا العِلْمِ غَيْرُ هَؤلَاءِ؟ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الحَاضِرِيْنَ: هَهُنَا رَجُلٌ يُعْرَفُ بِصَدَقَةَ النَّاسِخِ، يَعْرِفُ هَذا الفَنَّ مَعْرِفَةً لَا مَزِيدَ عَلَيْهَا، فَنَفَذَ بِالفَتْوَى، وَفِيْهَا خُطُوْطُ الفُقَهَاءِ، وَقَالَ: انْظُرْ فِي هَذِهِ، وَقُلْ مَا عِنْدَكَ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهَا فَكَّرَ طَوِيْلًا، مُتَعَجِّبًا مِنِ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى مَا لَا أَصْلَ لَهُ، ثُمَّ أَخَذَ القَلَمَ، وَكَتَبَ: العِلْمُ عِلْمَانِ: عِلْمٌ غَرِيْزِيُّ، وَعِلْمٌ مُكْتسَبٌ.

فَأَمَّا الغَرِيْزِيُّ: فَهُوَ الَّذِي يُدْرَكُ عَلَى الفَوْرِ مِنْ غَيْرِ فِكْرَةٍ كَقَوْلِنَا: وَاحِدٌ وَوَاحِدٌ، فَهَذَا يُعْلَمُ ضَرُوْرَةً أَنَّهُ اثْنَانِ.


(١) في (أ) و (ط): "شَفَتَيْهِ". وَلَوْ كَانَتْ كَذلِكَ لَقَالَ: "تتَحَرَّكَانِ".
(٢) في (د): بياضٌ بمقدار كَلِمَتَيْنِ، وفي بَعْضِ نُسَخِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ": "بَيْنَ بَنِي الوَزِيْرِ" وَهُوَ الصَّوَابُ، إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.