المُجَلَّدَاتُ الكَثِيْرَةُ مِنْ كُتُبِ التَّوَارِيْخِ وَالرِّجَالِ لِيَسْتَنْفِدَ مَا جَاءَ فِيْهَا مِنْ عُلَمَاءِ المَذْهَبِ؛ لِذلِكَ نَجِدُهُ يَأْخُذُ مِنْها وَيَدَعُ، مَعَ أَنَّهُ مِنَ المُؤَكَّدِ أَنَّهَا لَا تتَوَفَّرُ لَهُ أَغْلَبُ المَصَادِرُ المُهِمَّةِ؛ لأنَّهُ وُصِفَ بأَنَّهُ "كَانَ فَقِيْرًا مُتَعَفِّفًا"؛ إِذًا فَمَوَارِدُهُ المَالِيَّة مَحْدُوْدَةٌ، فَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الثَّرَاءِ، كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُوْصَفْ بِأَنَّهُ مِمَّنْ يُعْنَى عِنَايَةً خَاصَّةً بِجَمْعِ الكُتُبِ وَاقْتِنَائِهَا، وَمَنْ أَرَادَ التَّصَدِّي للتَّأْلِيْفِ فِي هَذَا الفَنِّ يَلْزَمُهُ ذلِكَ. وأَمَّا مَصَادِرُهُ الكَثِيْرَةُ المُتَنَوِّعَةُ فَلَعَلَّهُ كَانَ يُطَالِعُهَا فِي مَكْتَبَاتِهَا هُنَا وَهُنَاكَ، وَكَثِيْرٌ مِنْ كُتُبِ التَّوَارِيْخِ ذَاتِ الأَجْزَاءِ الكَثِيْرَةِ قَدْ لَا تَتَوَافَرُ كَامِلَةً حَتَّى في المَكْتَبَاتِ العَامَّةِ، فَيَقِفُ عَلَى بَعْضِ أَجْزَائِهَا وَيَفُوْتُهُ بَعْضُهَا الآخَرُ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ الحَافِظَ ابنَ رَجَبٍ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي تأْلِيْفِهِ هَذَا أَكْثَرُ جَمْعًا وَاسْتِيْعَابًا لِرِجَالِ مَذْهَبِهِ مِنَ المُؤَلِّفِيْنَ فِي طَبَقَاتِ الفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ المَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ الأُخْرَى - أَعْنِي (الحَنَفِيَّةَ)، وَ (المَالِكِيَّةَ)، وَ (الشَّافِعِيَّةَ) -، فَهُوَ بِلَا شَكٍّ أَكْثَرُ جَمْعًا مِنَ القُرَشِيِّ (ت: ٧٧٥ هـ) فِي كِتَابِهِ "الجَوَاهِرِ المُضِيَّةِ" وَأَكْثَرُ جَمْعًا مِنِ ابنِ فَرْحُوْنَ المَدَنِيِّ المَالِكِيِّ (ت: ٧٩٩ هـ) في كِتَابِهِ: "الدِّيْبَاجِ المُذْهَبِ"، كَمَا أَنَّهُ أَكْثَرُ جَمْعًا مِنَ القَاضِي السُّبْكِيِّ (ت: ٧٧١ هـ) فِي "طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ الكُبْرَى"، وَضَخَامَةُ هَذَا الكِتَابِ، وَكَثْرَةُ فَوَائِدِهِ أَمْرٌ آخَرَ، لَكِنَّهُم جَمِيْعًا تَرَكُوا أَعْدَادًا كَبِيْرَةً مِنْ أَهْلِ مَذَاهِبِهِمْ وَلَوْ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِمْ مُسْتَدْرِكٌ لَكَانَتْ أَضْعَافَ مَا ذَكَرُوْهُ أَيْضًا وَهَذِهِ المَذَاهِبُ الثَّلَاثَةُ أَكْثَرُ انْتِشَارًا، وَأَكْثَرُ شُهْرَةً مِنَ المَذْهَبِ الحَنْبَلِيِّ، فَمِنْ ثَمَّ فَهِيَ أَكْثَرُ رِجَالًا، وَإِنَّمَا اخْتَرْتُ هَذِهِ الكُتُبِ؛ لأنَّ مُؤَلِّفِيْهَا جَمِيْعًا مِنْ مُعَاصِرِي الحَافِظِ ابنِ رَجَبٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute