للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كم صحيح رأيت من غير سَقم ٍ ... ذهبت نفسه الصحيحة فلتة (١)

وقد أحسن البستي - رحمه الله - حين قال:

يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته ... أتطلب الربح فيما فيه خسران؟

أقبل على النفس واستكمل فضائلها ... فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان (٢)

ولا ريب أنه ينبغي الاستعداد لما بعد الموت بالأعمال الصالحة، والتوبة من جميع الذنوب؛ لأن الموت قد يأتي بغتة، قال الإمام البخاري - رحمه الله -: ((بابُ موتِ الفُجاءة (٣): البغتة))، ثم ذكر حديث سعد بن عبادة - رضي الله عنه - حين قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أمي افتُلتت نفسها، وأظنها لو تكلمت تصدَّقتْ، فهل لها أجر إن تصدَّقتُ عنها؟ قال: ((نعم)) (٤).

وعن عبيد بن خالد السلمي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((موت الفَجْأَةِ أخذةُ أسَفٍ (٥))) (٦).

وكره بعض السلف موت الفجأة (٧)؛ لما في ذلك - والله أعلم - من


(١) ذكره ابن حجر في هدي الساري، ص٤٨١، وعزاه إلى الحاكم في تاريخه، وذكره ابن رجب في جامع العلوم والحكم، ٢/ ٣٩٢.
(٢) النونية لشاعر زمانه: علي بن محمد بن الحسين البُسْتي، وهي مطبوعة ضمن الجامع للمتون العلمية، للشيخ عبد الله بن محمد الشمراني، ص٦٢٣.
(٣) الفُجاءَة: يُقال: فجئَه الأمرُ، فجأه فُجاءة: بالضم والمد، وفاجأه مفاجأة إذا جاءه بغتة من غير تقدم سبب، وقيّده بعضهم بفتح الفاء وسكون الجيم من غير مدٍّ على المرة. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، ٣/ ٤١٢،والفجاءة: الهجوم على من لم يشعر به. فتح الباري لابن حجر، ٣/ ٢٥٤.
(٤) متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب موت الفُجاءة، برقم ١٣٨٨، ومسلم، كتاب الزكاة، باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه، برقم ١٠٠٤.
(٥) أسَفٍ: أي غضب، قال ابن حجر في الفتح، ٣/ ٢٥٤: ((أسف: أي غضب، وزناً ومعنى، وروي بوزن الفاعل: أي غضبان. قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث، ١/ ٤٨: ((وفي حديث موت الفجأة: ((راحة للمؤمن وأخذة أسفٍ للكافر)) أي أخذة غضب أو غضبان، يقال: أسِفَ يأسفُ أسفاً فهو آسِفٌ، إذا غضب)). فعلى هذا يكون بكسر السين غضبان، وفتحها غضب.
(٦) أبو داود، كتاب الجنائز، باب موت الفجأة، برقم ٣١١٠، وأحمد في المسند، برقم ١٥٤٩٦، ١٥٤٩٧، ١٧٩٢٤، ١٧٩٢٥، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ٢/ ٢٧٧، وأصحاب موسوعة مسند الإمام أحمد، ٢٤/ ٢٥٣، ٢٩/ ٤٤٥.
(٧) انظر: فتح الباري، لابن حجر، ٣/ ٢٥٤، والسنن الكبرى للبيهقي، ٣/ ٣٧٨، ٣٧٩، ومصنف ابن أبي شيبة، ٣/ ٣٧٠، ومصنف عبد الرزاق، برقم ٦٧٧٩ موقوف على حذيفة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>