للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعمرو بن العاص: ((لو كان أبوك مسلماً فأعتقتم عنه، أو تصدقتم عنه، أو حججتم عنه بلغه ذلك)) (١). وهذا عام في حج التطوع وغيره؛ ولأنه عمل برٍّ وطاعةٍ، فوصل نفعه وثوابه، كالصدقة، والصيام، والحج الواجب ... )) (٢)، ثم رد رحمه الله على من قال: لا يصل إلى الميت إلا الواجب، والصدقة، والدعاء، والاستغفار، وبين أن المسلمين يهدون الثواب إلى أمواتهم من غير نكير؛ ولأن الحديث صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه)) (٣)، والله أكرم من أن يوصل عقوبة المعصية إليه ويحجب عنه المثوبة؛ ولأن الموصل لثواب ما سلموه، قادر على إيصال ثواب ما منعوه، والآية مخصوصة بما سلموه {وَأَن لَّيْسَ لِلإنسَانِ إلاَّ مَا سَعَى} وما اختلفنا فيه في معناه فنقيسه عليه (٤)، وقال: ولا حجة لهم في الخبر الذي احتجوا به ((إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة)) فإنما يدل على انقطاع عمله، وليس هذا من عمله فلا دلالة فيه عليه ... )) (٥).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((الصحيح أنه ينتفع الميت بجميع العبادات البدنية: من الصلاة، والصوم، والقراءة، كما ينتفع بالعبادات المالية: من الصدقة، والعتق، ونحوها باتفاق الأئمة ... )) (٦).

وبين الإمام ابن القيم رحمه الله أن أرواح الموتى تنتفع من سعي

الأحياء بأمرين:


(١) أخرجه أبو داود، كتاب الوصايا، باب ما جاء في وصية الحربي يسلم وليه أيلزمه أن ينفذها، برقم ٢٨٨٣، وحسنه الألباني في الأحاديث الصحيحة، برقم ٣١٦١.
(٢) المغني لابن قدامة، ٣/ ٥٢١ - ٥٢٢، وانظر: الشرح الكبير، ٦/ ٢٥٧ - ٢٦٥، والكافي، ٢/ ٨٢.
(٣) متفق عليه: البخاري، برقم ١٣٠٤، ومسلم، برقم ٩٢٤، وتقدم تخريجه في فضائل الصبر على احتساب المصيبة.
(٤) المغني، ٣/ ٥٢٢ بتصرف.
(٥) المغني،٣/ ٥٢١ - ٥٢٢، وانظر الشرح الكبير، ٦/ ٢٥٧ - ٢٦٥، والكافي، ٢/ ٨٢.
(٦) الاختيارات العلمية من الاختيارات الفقهية، ص١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>