(٢) يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله: فيه دليل واضح على أنه يقدم الأقرأ على الأفقه، وهو مذهب الإمام أحمد، وأبي حنيفة، وبعض أصحاب الشافعي، وقال الإمام مالك والشافعي وأصحابهما: الأفقه مقدم على الأقرأ؛ لأن الذي يحتاج إليه من القراءة مضبوط والذي يحتاج إليه من الفقه غير مضبوط، وقد يعرض في الصلاة أمر لا يقدر على مراعاة الصواب فيه إلا كامل الفقه، لكن في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة)): دليل على تقديم الأقرأ مطلقاً، والصواب أن الأقرأ يقدم إذا كان عارفاً فقه صلاته. [انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ٥/ ١٧٨، والمفهم في تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، ٢/ ٢٩٧، والمغني لابن قدامة، ٣/ ١١ - ١٢، وفتح الباري لابن حجر، ٢/ ١٧١، ونيل الأوطار للشوكاني، ٢/ ٣٨٩، وحاشية ابن قاسم على الروض المربع، ٢/ ٢٩٦، والشرح الممتع لابن عثيمين، ٤/ ٢٨٩ - ٢٩١، وسبل السلام للصنعاني، ٣/ ٩٥]. (٣) فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة: الهجرة المقدَّم بها في الإمامة لا تختص بالهجرة في عصره - صلى الله عليه وسلم -، بل هي التي لا تنقطع إلى يوم القيامة كما ثبت ذلك في الأحاديث؛ لأن الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام قربة وطاعة، فقدم السابق إليها؛ لسبقه إلى الطاعة. انظر: المغني لابن قدامة، ٣/ ١٥، وشرح النووي على صحيح مسلم، ٥/ ١٧٩، ونيل الأوطار للشوكاني، ٢/ ٣٩٠، وسبل السلام للصنعاني، ٣/ ٩٦. (٤) الأقدم سلماً وفي رواية ((سنّاً))، وفي الرواية الأخرى ((فأكبرهم سنّاً))، وهذا لفضيلة السبق إلى الإسلام، والرواية الأخرى ((سنّاً)) راجع إلى سبق السن بالإسلام؛ لأن الأكبر سبق الأصغر. [انظر: المفهم للقرطبي، ٢/ ٢٩٨] وسمعت شيخنا ابن باز يقول أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم ٤٣٦: ((ومن كان أقدم سلماً فهو أكبرهم سنّاً إلا أن يكونوا كفاراً ثم أسلموا، فأقدمهم إسلاماً هو من جنس أقدمهم هجرة)) [وانظر: شرح النووي على صحيح مسلم،٥/ ١٨٠، ونيل الأوطار للشوكاني،٢/ ٣٩٠،وسبل السلام للصنعاني،٣/ ٩٦،والمغني لابن قدامة،٣/ ١٥].