للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكلف الإتيان إليها، وتحمل المشقة؛ لقوله في الرواية الأخرى: ((ليصلّ من شاء في رحله)) (١)، وأنها مشروعة في السفر. والحديث دليل على سقوط

الجمعة بعذر المطر ونحوه (٢).

قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((فأما الوحل فبمجرد فقال القاضي: قال أصحابنا: هو عذر؛ لأن المشقة تلحق بذلك في النعال، والثياب كما تلحق بالمطر، وهو قول مالك ... )) (٣) ثم إن هذا القول أصح؛ لأن الوحل يلوث الثياب والنعال، ويتعرض الإنسان للزلق، فيتأذى بنفسه وثيابه، وذلك أعظم من البلل، وقد ساوى المطر في العذر في ترك الجمعة والجماعة، فدل على تساويهما في المشقة المرعية في الحكم)) (٤).

وكذلك الريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة يجوز الجمع فيها؛ لحصول المشقة (٥).

وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن صلاة الجمع في المطر بين العشائين: هل يجوز من البرد الشديد، أو الريح الشديدة، أم لا يجوز إلا من المطر خاصة؟ فأجاب: ((الحمد لله رب العالمين، يجوز الجمع بين العشائين للمطر، والريح الشديدة الباردة، والوحل الشديد، وهذا أصح قولي العلماء، وهو ظاهر مذهب أحمد، ومالك، وغيرهما، والله أعلم)) (٦)، ثم قال: ((وذلك أولى من أن يصلُّوا في بيوتهم، بل ترك الجمع مع الصلاة في البيوت بدعة مخالف للسنة، إذ السنة أن تصلى الصلوات الخمس في المساجد جماعة، وذلك أولى من الصلاة في


(١) مسلم، برقم ٦٩٨، وتقدم تخريجه في أعذار ترك الجماعة.
(٢) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، ٥/ ٢١٣ - ٢١٦.
(٣) المغني، ٣/ ١٣٣.
(٤) المغني، ٣/ ١٣٣ - ١٣٤.
(٥) انظر: المغني لابن قدامة، ٣/ ١٣٤.
(٦) مجموع فتاوى شيخ الإسلام، ٢٤/ ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>