للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنس: وما يسرني بتلك الصلاة الدنيا وما فيها)) (١)،ثم ساق البخاري عن جابر بن عبد الله قال: جاء عمر يوم الخندق فجعل يسب كفار قريش، ويقول: يا رسول الله، ما صليت العصر حتى كادت الشمس أن تغيب. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وأنا والله ما صليتها بعد)) قال: فنزل إلى بطحان فتوضأ وصلى العصر بعدما غابت الشمس، ثم صلى المغرب بعدها)) (٢).

مما تقدم من الأدلة على صلاة الخوف عند اشتداد الحرب اختلف العلماء على قولين:

١ - قال جمهور العلماء: لا تؤخر الصلاة عند اشتداد الحرب والتحام القوم بعضهم ببعض، بل يصلون على حسب أحوالهم على أي صفة كانوا ولو ركعة واحدة إيماءً سواء كانوا مستقبلين القبلة أو مستدبرين، وسواء كانوا رجالاً على الأقدام أو ركبانًا على الخيل والإبل وغيرها، فقالوا تكون الصلاة على ما ورد به القرآن ووردت به الأحاديث، وأن الصلاة لا تؤخر، أما تأخير الصلاة يوم الخندق؛ فلأن صلاة الخوف لم تشرع بعد (٣).

٢ - وذهب قوم من أهل العلم إلى أن صلاة الخوف في اشتداد القتال يجوز تأخيرها إلى الفراغ من التحام القتال إذا لم يستطع المجاهدون أن يعقلوا صلاتهم، وهذا أحد القولين في مذهب الإمام أحمد رحمه الله وغيره، واختاره البخاري، والأوزاعي، ومكحول، وهو الذي عمل به الصحابة - رضي الله عنهم - زمن عمر بن الخطاب في فتح تستر، وقد اشتهر ولم ينكر عليهم تأخير صلاة الفجر إلى أن


(١) البخاري، كتاب صلاة الخوف، باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو، قبل الحديث رقم ٩٤٥.
(٢) متفق عليه: البخاري، كتاب صلاة الخوف، باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو، برقم ٩٤٥، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي العصر، برقم ٦٣١.
(٣) انظر: المغني لابن قدامة، ٣/ ٣١٦،والشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، ٥/ ١٢٥، وزاد المعاد، ٣/ ٢٥٣، والكافي لابن قدامة، ١/ ٤٢٥، ومنتهى الإرادات، ١/ ٣٤٥، ونيل الأوطار، ٢/ ٦٣١، ومنار السبيل، ١/ ١٨٥، والإقناع لابن المنذر، ١/ ١٢٢، والإقناع لطالب الانتفاع، للحجاوي، ١/ ٢٨٨، والروض المربع مع حاشية ابن قاسم، ٢/ ٤١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>