كما في المسألة المتقدمة، فيمكن أن يجعل قولها: أنا راضية بما تفعله تفويضاً عاماً كما يقتضيه ظاهر اللفظ، فلا ضرورة إلى صرفه إلى غير الذي ردته.
سئل هو أيضاً عن رجل زوج وليته، فلما بلغها الخبر قالت: هو دميم لا أرضى به، أو قالت: هو دباغ لا أرضى لك منه الإباء، قال: هذا كلام واحد، فلا يضرها ما قدمت وبطل النكاح.
وسئل الفقيه أبو جعفر رحمه الله عن بالغة وكلت رجلاً ليزوجها من فلان بألف درهم، فزوجها منه بخمسمائة درهم، فلما أخبرت بذلك قالت: لم يعجبني هذا لأجل الناس لنقصان المهر، فقيل لها: لا يكون لك منه إلا ما تريدين، فقالت: رضيت، قال: يجوز النكاح؛ لأن قولها لم (١٨٨أ١) يعجبني ليس برد، فالرضا يرد على النكاح الموقوف فصح.
ولو تزوج العبد امرأة بغير إذن مولاه، ثم قال له مولاه: طلقها لا يكون ذلك إجازة للنكاح، ولو قال له: طلقها تطليقة رجعية، أو قال: طلقها تطليقة تملك الرجعة، فهو إجازة للنكاح. في «الجامع الصغير» .
وفي «المنتقى» : ابن سماعة عن محمد رحمه الله: رجل زوج رجلاً امرأة بغير أمره، فبلغه الخبر فقال: هي طالق لم يكن إجازة، وكان رداً، وإن قال: فهي طالق، فهذا عند أبي حنيفة رحمه الله قبول، والطلاق واقع، وقال محمد رحمه الله: هو رد ولا يقع الطلاق، والله أعلم.
الفصل الثالث: فيما يكون إقراراً بالنكاح وما لا يكون إقراراً به
قال محمد رحمه الله في إقرار «الأصل» : إذا قالت المرأة لرجل: طلقني، فهذا إقرار منها بالنكاح؛ لأنها طلبت منه ما لا صحة له إلا بالنكاح، فتضمن ذلك إقراراً بالنكاح، فلأن الطلاق لرفع قيد النكاح، وقولها: طلقني بمنزلة قولها: ارفع عني قيد النكاح الذي لك عليّ، وكذلك إذا قالت: اخلعني بألف درهم وهذا أظهر من الأول؛ لأنها التزمت البدل، والبدل لا يلزمها إلا بزوال ملك الزوج عنها بالخلع، وكذلك لو قالت: طلقتني أمس بألف درهم، خلعتني أمس بألف درهم، أنت مني مظاهر، أنت مني مول لأنه لا صحة لشيء مما أخبرت إلا بعد صحة النكاح، فيتضمن ذلك إقراراً منها بصحة النكاح، فكذلك إذا قال الرجل لامرأة اختلعي مني بمال فهذا إقرار منه أنه زوجها، فكذلك إذا قالت: طلقني، فقال لها: اختاري أمرك بيدك في الطلاق فهذا منه إقرار بالنكاح.
ولو قال الرجل: والله لا أقربك فهذا لا يكون إقراراً منه بالنكاح بخلاف قوله: أنا منك مول، وهذا لأن قوله: والله لا أقربك محتمل يحتمل والله لا أقربك؛ لأنه لا ملك