ادعاه لا يثبت الولاء من الثاني. وإن كذبه يثبت الولاء من الثاني.
ولو أن رجلاً من الموالي قتل رجلاً خطأ، فجاء ورثة المقتول وادعوا على رجل من قبيلته أنه أعتق وأراد استحلافه، فإنه لا يمين عليه لا في حق المال ولا في حق الولاء، أما في حق الولاء فلا إشكال فيه عند أبي حنيفة رحمه الله، وأما في حق المال فلأن ورثة المقتول لا يدعون عليه شيئاً، لأن الدية تجب على عاقلة المعتق ولا يجب شيء منها على المعتق. ألا ترى أن محمداً رحمه الله ذكر في «الكتاب» أن المعتق إذا أقر بعد الجناية بالولاء كانت الدية على القاتل، ولو كان يجب شيء منها على المعتق فكان يجب بعضها عليه بإقراره قال: فإن أقر المعتق بذلك لم يصدق على العاقلة إذا جحدوا وكانت الدية على القاتل في ماله.
فرق بين هذا وبينما إذا ادعوا الولاء قبل الجناية وأقر المدعى عليه بذلك، ثم جنى المولى جناية فإن الدية تجب على عاقلة المعتق، والعتق في الموضعين جميعاً يثبت بإقراره، والفرق أن العتق إنما يجب على عاقلة المعتق بالولاء والجناية، فيضاف الوجوب إلى آخر الأمرين وجوداً الولاء والولاء ثبت بإقراره، وإقراره ليس بحجة على غيره.
وإذا كانت الدعوى قبل الجناية فآخر الأمرين وجوداً الجناية، والجناية تثبت معاينة لا بإقراره فتكون ثابتةً في حق العاقلة.
وإن كان المقتول من الموالي فادعى رجل من العرب أنه أعتق المقتول قبل القتل وأنه وارثه لا وارث له غيره، وأراد استحلاف القاتل على ذلك، والقاتل مقر بالقتل منكر الولاء، فإنه يستحلف على المال بالله ما يعلم لهذا المدعي حقاً في دية فلان التي عليك؛ لأنه ادعى على القاتل شيئين: المال، والولاء لأن القاتل يجب عليه المال لأنه واحد من العاقلة عندنا والمال مما يجري فيه الاستحلاف فيستحلف على المال لهذا، بخلاف ما لو ادعى وارث المقتول على رجل أنه أعتق القاتل فإنه لا يستحلف في المال كما لا يستحلف في الولاء؛ لأن ورثة المقتول لا يدعون على المعتق شيئاً من المال على ما مر أما هاهنا بخلافه والله أعلم.
[الفصل الخامس في المتفرقات]
معتقة قوم تزوجت رجلاً وحدث بينهما أولاد، فهذا على وجوه:
أما إن زوجت نفسها من عبد أو مكاتب رجل، وفي هذا الوجه ولاء الأولاد لموالى الأب فإن أعتق الأب جر ولاء الولد إلى مواليه، وقد ذكرنا هذا فيما تقدم، وإن كانت عاقلة الأم قد عقلوا عن الولد ثم عتق الأب لا يرجعون على عاقلة الأب بذلك لأن الولاء وإن جر إلى الأب فإنما يجر في الحال، ولا يتبين أن حال ما عقل عنه عاقلة الأم لم تكن عاقلة الأم عاقلة له.