للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرأتين والثلاث في مسألة الأربع ليست بمطلقة، وبعدما طلقهنّ لا ينبغي له أن يتزوّج واحدة منهنّ، حتّى تعلم المطلقة ثلاثاً، وإن تزوّج واحدة منهما في مسألة المرأتين أو الثلاث في مسألة الأربع تتعين الأخرى والرابعة للطلاق.

وإن تزوّج واحدة منهنّ فخاصمته إلى القاضي في الطلاق، أو لم تخاصمه حلّفه القاضي لها، فإن حلف أمسكها، وكذلك لو تزوّج ثنتين أو ثلاثاً، فلو أنّه بعد ما طلقهنّ تزوجن أزواجاً غيره، ودخل بهنّ أزواجهنّ ثمَّ فارقهن نكح أيّهن شاء. وإن تزوجت واحدة منهنّ زوجاً غيره ودخل بها الزوج وفارقها، فأراد الأوّل أن يتزوّج الكلّ له ذلك، وقد ذكرنا ذلك فيما تقدّم.

[الفصل الخامس عشر: في إيقاع الطلاق بالمال]

قال محمّد رحمه الله في «الأصل» : إذا قال الرجل لامرأته أنتِ طالق بألفّ (٢٥٧ب١) درهم، فقبلت طلقت وعليها ألف درهم لأنّ هذا خطاب مبادلة لأنّ حرف الباء يصحب الأبدال، فقد جعل الألف بدلاً عن الطلاق، وإنّه يصلح بدلاً والطلاق يصلح مبدلاً فهو معنى قولنا إنَّ هذا خطاب مبادلة والمبادلة تتمّ في حقّ وجوب العوضين بالإيجاب والقبول كما في البيع.

وكذلك إذا قال لها أنتِ طالق على ألف درهم؛ لأنّ كلمة على تستعمل لإيجاب البدل في المعاوضات بمنزلة حرف الباء يقول الرجل لغيره: بعت منك هذا، وعليك ألف درهم أخذت منك هذا، وعليك درهم وكان معناه بألف درهم، وهذا بخلاف قوله إن أعطيتني ألف درهم فأنتِ طالق، إن جئتني بألف درهم فأنتِ طالق، إن أديت إليّ ألف درهم فأنتِ طالق، إذا أعطيتني ألف درهم فأنتِ طالق، متى أعطيتني ألف درهم فأنتِ طالق، حيث لا يقع الطلاق ما لم يوجد الأداء؛ لأنّ هذا تعليق بالشرط صريحاً والتعليق بالشرط عدم قبل وجود الشرط، بخلاف قوله: على ألف درهم على ما مرّ.

وكذلك إذا قال أنتِ طالق على أن تعطيني ألف درهم، فقبلت يقع الطلاق، بمنزلة ما لو قال أنتِ طالق على ألف درهم؛ لأنّ هذا إيجاب الطلاق بجعل، وليس بتعليق بشرط الإعطاء بمنزلة قوله بعت منك هذا العبد على أن تعطيني ألف درهم فيكتفى بقبولها لوقوع الطلاق، فعلى هذا إذا قال بالفارسيّة براطلاق بشرط أنّك فلان خير عن دهي، أو قال بان شرط كي فلان خير عن دهي، فقبلت يقع الطلاق.

ثمَّ في قوله: إن أعطيتني ألف درهم، إن جئتني بألف درهم، إنّما يقع الطلاق بالإعطاء إذا وجد الإعطاء في المجلس؛ لأنّ هذا الكلام تعليق صورة، ومعاوضة معنى، لأنّ الطلاق لا يقع إلا بمال، وهذا هو حدّ المعاوضة فاعتبرنا معنى التعليق، فقلنا لا يقع الطلاق إلا بعد وجود الإعطاء اعتبرنا معنى المعاوضة، فقصرنا بالإعطاء على المجلس.

<<  <  ج: ص:  >  >>