للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستحساناً، فقد قال: إذا رد المستعير الدابة، فلم يجد صاحبها ولا خادمه، فربطها في دار صاحبها على معلفها فضاعت؛ لا يضمن استحساناً، فقد شرط الاستحسان عدم صاحبها وخادمه مطلقاً من غير فصل بين خادم يقوم عليها، أو لا يقوم عليها، فهذا إشارة إلى أنه إذا ردها إلى عبد لا يقوم عليها إنه لا يضمن قياساً واستحساناً؛ هذا هو الكلام في العارية.

وأما الكلام في الوديعة، فقد ذكرنا في كتاب الوديعة: أن المودع إذا رد الوديعة على عبد صاحبها أنه ضامن من غير فصل، وذكر شيخ الإسلام في شرح كتاب العارية: أن الجواب في الوديعة كالجواب في العارية، وذكر شمس الأئمة السرخسي في شرح كتاب العارية: أن المودع ضامن على كل حال؛ كما ذكرنا في كتاب الوديعة، وهكذ ذكر القدوري في «شرحه» ، والفقيه أبو الليث في «فتاويه» .

[الفصل السابع في استرداد العارية، وما يمنع من استردادها]

ذكر الحاكم الشهيد في «المنتقى» عن محمد؛ فيمن استعار من آخر أرضاً ليزرعها، فأعارها إياه، وأذن له في ذلك إلى أن أدرك زرعه فزرعها ثم أراد صاحبها أن يأخذها قبل أن تستحصد، فالمزارع بالخيار؛ إن شاء قلع الزرع، وإن شاء كانت الأرض عليه بأجر مثلها إلى أن يستحصد الزرع؛ وهذا لأن المزارع محق في الزراعة؛ لأنه زرع بإذن رب الأرض، فيجب مراعاة حقه في الزرع؛ كما يجب مراعاة حق رب الأرض في الأرض، وذلك بترك الأرض في يد صاحب الزرع إلى وقت إدراك الزرع بالإجارة أو أن صاحب الزرع قلع الزرع؛ لأنه فيه قطع حق صاحب الأرض عن منفعة الأرض مدة معلومة بعوض مع مراعاة حق المزارع في الزرع من كل وجه، وذكر محمد هذه المسألة في «المبسوط» ، وذكر فيها القياس والاستحسان.

القياس: أن يكون لصاحب الأرض أن يخرج الأرض من يد المستعير؛ سواء كانت العارية مطلقة أو مؤقتة، وفي الاستحسان: أن لا يخرج الأرض من يده.

وذكر في «المنتقى» : ابن سماعة عن أبي يوسف فيمن زرع أرض غيره لنفسه بإذن صاحب الأرض، ثم أراد رب (١٣٣ب٢) الأرض أن يخرج الأرض من يده بعدما زرعها ليس له ذلك حتى يستحصد الزرع؛ لأن التغرير بالمؤمن حرام، فإذا استحصد الزرع ذكر في بعض روايات «المبسوط» أن صاحب الأرض يأخذ الأرض مع الأجر، ولم يذكر هذا في بعض الروايات وكان الفقيه أبو إسحاق الحافظ يقول: إنما يجب الأجر لصاحب الأرض إذا أجر الأرض منه صاحب الأرض أو القاضي، فأما بدون ذلك لايجب الأجر؛ لأن المنافع لا تتقوم إلا بالعقد.

وعبارة «المنتقى» وإن شاء المزارع كانت الأرض عليه بأجر مثلها، ولم يشترط إجارة رب الأرض، والقاضي.

<<  <  ج: ص:  >  >>