كان لا يطيق، وقوله: خرج رسول الله عليه السلام وعليه حلة، إن كان ذلك قبل تحريم الإبريسم على الرجال، فلا حاجة إلى حمله على محمل، وإن كان بعد ذلك فالمراد من الحلة المنسوج من القطن، فإن العرب كانوا يسمون المنسوج من القطن حلة لجودته، وقوله حمراء إن كان قبل تحريم لبس المعصفر والمزعفر على الرجال فلا حاجة إلى تأويله وحمله على محمل، وإن كان بعد ذلك فهو محمول على لون القطن، يعني وعليه جبة منسوجة خير من قطن لونه أحمر.
[الفصل الثاني والعشرون في قتل المسلم والده المشرك، ومن بمعناه، وقتله سائر محارمه]
قال محمد رحمه الله: لا بأس بأن يقتل الرجل المسلم كل ذي رحم محرم من المشركين نبذوا به إلا الوالد خاصة، وإنما يكره له أن يترك والده بذلك، والأصل فيه قول الله تعالى:{قاتلوا المشركين كافة}(التوبة: ٣٦) من غير فصل بين كافر وكافر لكن تركنا ظاهره في حق الوالد بالإجماع، وبنص آخر وهو قوله تعالى:{فلا تقل لهما أف}(الإسراء: ٣٢) ، والنهي عن التأفف نهي عن القتل بطريق الأولى، وتخصيص الوالد عن ظاهر ما تلونا لا يدل على تخصيص غير الوالد من الابن والأخ والعم والخال وأشباههم؛ لأنه اجتمع في حق الوالد حرمتان؛ حرمة القرابة وحرمة الأبوة، فإن للأب زيادة حرمة بسبب الأبوة ليست هي لغيره ممن له قرابة محرمة للنكاح، حتى لا يقتل الوالد بالولد، ولا يحبس بدينه، فخصص بالوالد عن ظاهر ما تلونا وله زيادة حرمة لا يدل على تخصيص غير الوالد، وليس له تلك الزيادة، وإذا ثبت هذا في الوالد ثبت في الوالدة من طريق الأولى؛ لأنه اجتمع في حقها ثلاث حرمات؛ حرمة القرابة، وحرمة الأمية، فإن للأم زيادة حرمة ليست لغيرها، حتى لا تقتل بولدها، ولا تحبس بدين الولد، والأنوثة، فإن الأنوثة مما يحرم القتل فيخصص الأب عن ظاهر الآية، وله حرمتان، فيكون مخصصاً للأم ولها ثلاث حرمات، فإن أثبت في هذا الحكم في حق الوالد والوالدة ثبت في حق الأجداد والجدات من قبل الأب والأم؛ لأنهم بمنزلة الآباء والأمهات، ألا ترى أنهم لا يقتلون بولد الولد، ولا يحبسون بدينه كالأب والأم.
وهذا إذا لم يضطره الوالد إلى قتله فلا بأس بقتله إذا لم يمكنه الهرب منه؛ لأن ترك الأب حتى يقتله إهلاك نفسه والمأمور به في حق الابن شرعاً أن لا يتعرض للأب بشيء، ابتداءً لا إهلاك نفسه، وهذا كما نهينا عن قتل الصبي والشيخ الفاني من المشركين ابتداءً، ثم إذا جاء الاضطرار منهم بأن قصد واحد منهم مسلماً بالقتل، كان للمسلم (أن يقتله) وطريقه ما قلنا، وإذا ظفر بوالده في الصف فلا يقصده بالقتل، ولا يمكنه من الرجوع حتى لا يعود حرباً على المسلمين، ولكن يلجئه إلى موضع ويمسك به حتى يجيء غيره ويقتله، قال محمد رحمه الله: وهو أحب إلينا، هذا هو الكلام فيما بين المسلمين والمشركين.