ذكر الحاكم في «المنتقى» : إذا كان لرجل عبد في يدي رجل قال المودع لمولى العبد هبة فقال: هو لك فقال: لا أقبل فهو هبة، فقد جعل الهبة نظير النكاح لا نظير البيع، إذا قال لغيره هذه الجارية لك فهي هبة جازت، رواه ابن سماعة عن أبي يوسف، وفي هبة إذا قال: هي لك فاقبضها فهي هبة، وفي الأصل جعلت هذه الدار لك فاقبضها فهي هبة؛ لأن معنى كلامه ملكتك هذه الدار، ألا ترى أن في التمليك يعدل لفظ الجعل ولفظ التمليك سواء، فكذا في التمليك يبدل، وفي الفتوى عن الفقيه أبي جعفر رحمه الله، إذا قال لغيره: أين ترى فهذه هبة لا يجوز إلا بالقبض، ولو قال:(أين تراست) فهذا إقرار، وسئل أبو نصر عمن قال جميع ما أملكه لفلان قال: هذا هبة لا يجوز إلا بالقبض
وسئل أبو بكر عن رجل له ابن صغير غرس كرماً وقال: اغرسه باسم ابني فهذا لا يكون هبة، قيل: إن قال: جعلته لابني قال: لا شك في هذا أنه هبة. في «الأصل» إذا قال: عمرتك هذه الدار أعطيتك هذا الثوب عطية كسوتك هذا الثوب فهذا كله هبة. وفي «البقالي» إذا قال: أعطيته وهو في يده فقال: أعطيتك فهذا هبة، وإن كان في يد صاحبه فهو وديعة. في «الأصل» إذا قال: منحتك هذه الدراهم أو هذا الطعام، ولو قال: منحتك هذه الأرض، هذه الجارية فهو عارية فالأصل: أن لفظ المنحة إذا أضيفت إلى ما لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه فهو هبة، وإذا اضيفت إلى ما يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه فهو عارية.
وإذا قال: أعطيتك هذه الأرض فهو عارية. ولو قال: أطعمتك هذا الطعام، فإن قال فاقبضه فهو هبة، وإن لم يقل فاقبضه يكون هبة أو عارية؟ فقد اختلف المشايخ في شروحهم.
في «الأصل» إذا قال: داري لك عمرى سكنى فهو عارية وليس بهبة. إذا قال: هي لك هبة عارية أو قال: عارية بهبة فهذا كله عارية. ولو قال: داري هذه لك عمرى يسكنها فهو هبة؛ لأن قوله يسكنها ليس بتفسير لقوله عمرى؛ لأن الفعل لا يصلح تفسيراً للاسم بل هو مشورة، فإن شاء قبل مشورته، وإن شاء لم يقبل، بخلاف قوله عمرى سكنى؛ لأن قوله سكنى يصلح تفسيراً لقوله عمرى؛ لأن كل واحد منهما اسم والكلام إليهم إذا تعقبه تفسير فالعبرة للتفسير.
إذا قال: هذه الدار هبة لك ولعقبك من بعدك فهي هبة، وذكر العقب لغو. وكذلك