إلى مكانه ضمن على كل حال، وقيل: إذا اعتمد مع الإشهاد أنه يأخذ لنفسه فهو ضامن فيما بينه وبين الله تعالى، وإذا اعتمد التعريف مع ترك الإشهاد فلا ضمان، وقيل: هذا التفصيل فيما إذا أخذها لنفسه، أما إذا أخذها ليعرفها فلا ضمان من غير تفصيل كما ذكر في «الكتاب» .
[الفصل الرابع في الخصومة في اللقطة، والاختلاف فيها، والشهادة]
في «المنتقى» ابن سماعة عن أبي يوسف في رجل التقط لقطة، وضاعت منه ثم وجدها في يد رجل آخر فلا خصومة بينهما، قال: وليس الملتقط في (١٠٩أ٢) هذا كالمستودع، والفرق وهو: أن المستودع مأمور في الحفظ من جهة المالك نصاً، ولا يتهيأ له الحفظ إلا باسترداد فكان مأموراً من جهة المالك بالاسترداد والخصومة ولا كذلك الملتقط.
إذا وجد الرجل لقطة وهي دراهم أو دنانير فجاء رجل وادعى أنها له، وسمى وزنها وعددها ووعاءها وأصابها، فلم يصدقه الملتقط فعلى قول مالك يجبر الملتقط على دفعها إليه، وعلى قول علمائنا لا يجبر، بل يخير إن شاء دفعها، وإن شاء أبى حتى يقيم البينة؛ لأن إصابة العلامة محتمل في نفسه قد يكون جزافاً، وقد يعرف الإنسان ذلك في ملك غيره، وقد يسمع من مالكه عند طلبه، والمحتمل لا يكون حجة للإلزام، فإن دفعها إليه أخذ منه كفيلاً نظراً منه لنفسه، فلعله يأتي مستحقها، فيضمنها إياه، ولا يتمكن من الرجوع على هذا الأخذ؛ لأنه يخفي شخصه فيحتاط بأخذ الكفيل.
وإن صدقه دفعها إليه، ولم يذكر محمد رحمه الله في «الأصل» أنه إذا أبى هل يجبر على الدفع، وقد اختلف المشايخ فيه؛ بعضهم قالوا: لا يجبر، وقاسه على ما إذا كان في يد رجل وديعة فجاء رجل، وقال: إني وكيل المودع في استرداد الوديعة منك، فصدقه لا يجبر على الدفع إليه؛ لأنه أقر بحق القبض في ملك الغير فكذا هذا، وبعضهم قالوا: يجبر على الدفع بخلاف مسألة الوديعة.
والفرق في مسألة الوديعة: الملك لغير الذي حضر ظاهر في الوديعة، فأما في اللقطة ليس لغير الذي حضر ملك ظاهر، ثم إذا دفعها إليه في هذه الصورة في آخر، وأقام بينة أنها له إن كان العين قائماً في يد القابض يقضى بالعين للمدعي، وإن كان هالكاً كان للمدعي خياراً في التضمين، فإن ضمن القابض فالقابض لا يرجع على الملتقط، وإن ضمن الملتقط، فالملتقط هل يرجع على القابض؟ ذكر هذه المسألة في كتاب اللقطة في موضعين، قال في موضع: يرجع، وقال في موضع: لا يرجع، ومن المشايخ من وفق بين الروايتين، والأصح أن في المسألة روايتان؛ والاعتماد على رواية الرجوع.
وإذا وجد شاة أو بقرة أو بعيراً وحبسها، وأنفق عليها في مدة التعريف، ثم جاء