للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الأول في تفسير المفقود وحكمه]

فأما تفسيره ما ذكر محمد رحمه الله في «الأصل» : الرجل يخرج في بيته فيقصد ولا يعرف موضعه، ولا يستبين أثره، ولا موته إذ باشره العدو فلا يستبين موته، ولا قتله، وأما حكمه: فما ذكر محمد رحمه الله في «الكتاب» أنه يعتبر حياً في حق نفسه حتى لا يقسم ماله بين ورثته، ولا تتزوج امرأته، ولا يحكم القاضي في شيء من أمره حتى يثبت موته، أو قتله، ويصير ميتاً في حق غيره، حتى لا يرث أحداً من أقربائه إذا مات.

ومعنى قوله: لا يرث أحداً من أقربائه؛ أن نصيبه المقصود من الميراث لا يصير ملكاً للمفقود أما يوقف للمفقود نصيباً من ميراث من مات من أقربائه؛ وهذا لأن حياة المفقود محتملة، والمحتمل يكفي للتوقف كما في الجنين، فإن ظهر حياً ظهر أنه كان مستحقاً، وإن لم يظهر حياً حتى بلغ من السن ما قال في «الكتاب» على ما يتبين بعد هذا إن شاء الله تعالى مما وقف له يرد على ورثة صاحب المال يوم مات صاحب المال بمنزلة الموقوف للجنين إذا انفصل الجنين ميتاً، قال مشايخنا: مدار مسائل المفقود على حرف واحد، أن المفقود يعتبر حياً في ماله، ميتاً في مال غيره، حتى ينقضي من المدة ما يعلم أن مثله لا يعيش إلى تلك المدة أو يموت أقرانه، وبعد ذلك يعتبر ميتاً في ماله يوم تمت المدة أو مات الأقران، وفي مال الغير يعتبر كأنه مات يوم فقد حتى أنه إذا.... المراحل ثم مات ابنه، ولهذا الابن أخ لأمه، والمفقود عصبة في ضم أخ الابن عصبة المفقود؛ ينظر إن كان الابن قد مات قبل أن يموت أقران المفقود، فإن جميع مال المفقود لعصبة المفقود متى مات أقران المفقود لا يكون للابن من ذلك شيء؛ لأنا حكمنا بحياته بعد موت الابن في حق نفسه، ولا يكون للمفقود من ميراث الابن شيء؛ لأنا اعتبرناه ميتاً في حق غيره، ولكن يوقف نصيب المفقود من مال الابن إلى أن يظهر حال المفقود؛ لأنه احتمل أن يكون حياً فيكون له الميراث من أبيه، واحتمل أن يكون ميتاً فلا يكون له الميراث من ابنه بل يكون ميراث الابن لأخيه.

فإن ظهر المفقود حياً فما وقف له يكون له، وإن لم يظهر حاله حتى مات أقرانه فما أوقفنا للمفقود من مال الابن يكون ميراثاً لأخ الابن؛ لأنا تيقنا بكون الأخ وارثاً، فثبت موت الابن، وشككنا في كون المفقود وارثاً، فكان جعله ميراثاً لمن كان وارثاً له بيقين أولى، فإن كان أقران المفقود قد ماتوا قبل موت الابن؛ فميراث المفقود صار للابن؛ لأنا حكمنا بموت المفقود والابن حي، فيكون ميراثه للابن، فإذا مات الابن يكون لورثة الابن، فهذا هو حاصل ما يبنى عليه من مسائل المفقود.

ثم طريق ثبوت موت المفقود إما البينة أو موت الأقران، وطريق تحوّل هذه إليه أن

<<  <  ج: ص:  >  >>