الكفن، فوجده قد انتقص، فله أن يضمن الذين كفنوه ودفنوه؛ لأنهم صاروا غاصبين.
غصب من آخر دابة، أو ثوباً، أو دراهم، وهي قائمة بعينها، فأبرأه المغصوب منه منها صح الإبراء، وتكون العين أمانة في يده، وكذا لو قال: حللته من الغصب، وإن كان المغصوب مستهلكاً برىء من ضمان القيمة، ويكون إبراء عن ضمانها.
في «عيون المسائل» وفي «فتاوى النسفي» : غصب من آخر ساجة وأدخلها في ثيابه أو غصب من آخر بالة وغرسها في أرضه، وكبرت حتى انقطع حق المالك، ثم إن المالك قال للغاصب: وهبت منك الساجة، والبالة صح، وهذا إبراء عن الضمان في الحاصل.
إذا هشم إبريق فضة إنسان فجاء آخر، وهشمه هشماً برىء الأول عن الضمان، والثاني ضامن، وإنما برىء الأول؛ لأن صاحب الإبريق لا يمكن أن يرد الإبريق على الأول على الحالة الذي هشمه، قال الفقيه أبو الليث: وكذا روي عن محمد بن الحسن في رجل صب ماء على حنطة رجل، فجاء رجل آخر، وصب ماء آخر، وزاده نقصاناً، فالأول يبرأ، والضمان على الثاني قيمتها يوم صب عليها الثاني.
وفي صرف «الأصل» : إذا كسر إناء فضة لرجل، واستهلكه صاحبه قبل أن يعطيه إناءه، فلا شيء على الكاسر؛ لأن شرط التضمين تسليم المكسور إليه، وقد فوته بالاستهلاك.
[الفصل السابع في التسبب إلى الإتلاف]
قال محمد رحمه الله في كتاب اللقطة: إذا حل دابة مربوطة لرجل، ولم يذهب بها، فذهبت الدابة، فلا ضمان على الذي حلها عند أبي حنيفة وأبي يوسف؛ سواء ذهبت الدابة على الفور أو بعد ذلك بزمان، وعلى قول محمد يجب الضمان.
وكذلك إذا فتح باب دار إنسان، وفي الدار دواب، فذهبت الدواب.
وكذلك إذا فتح باب قفص إنسان، فطار الطير الذي فيه؛ روي عن محمد رواية أخرى أنه إذا ذهبت الدابة على الفور، أو طار الطير على الفور؛ أنه ضامن، وإذا ذهبت وطار لا على الفور، فلا ضمان، وإنما لم يجب الضمان عندهما؛ لأن الطائر في الطيران مختار، وتركه منه متصور، فلا يحال بالتلف على الفاتح، كما لو حل قيد عبد إنسان حتى ذهب العبد، ومحمد رحمه الله يقول في فصل العبد: العبد له اختيار معتبر شرعاً حتى لو لم يكن كذلك بأن كان العبد مجنوناً؛ ذاهب العقل، فهو والدابة سواء، وعن محمد أيضاً؛ لو كان العبد المجنون مقيداً في بيت مغلق، فحل إنسان قيده، وفتح الآخر الباب، فالضمان على الفاتح لا على الحال؛ قال الفقيه أبو الليث رحمه الله (١١٨أ٢) وقد ذكر محمد رحمه الله في «المبسوط» : أنه لا ضمان في ذلك كله، ولم يذكر فيه اختلافاً.